الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَالَ ٱلَّذِيۤ آمَنَ يٰقَوْمِ إِنِّيۤ أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِّثْلَ يَوْمِ ٱلأَحْزَابِ } * { مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَٱلَّذِينَ مِن بَعْدِهِمْ وَمَا ٱللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِّلْعِبَادِ } * { وَيٰقَوْمِ إِنِّيۤ أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ ٱلتَّنَادِ } * { يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَكُمْ مِّنَ ٱللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ وَمَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ } * { وَلَقَدْ جَآءَكُـمْ يُوسُفُ مِن قَبْلُ بِٱلْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِّمَّا جَآءَكُـمْ بِهِ حَتَّىٰ إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَن يَبْعَثَ ٱللَّهُ مِن بَعْدِهِ رَسُولاً كَذَلِكَ يُضِلُّ ٱللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُّرْتَابٌ } * { ٱلَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِيۤ آيَاتِ ٱللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتاً عِندَ ٱللَّهِ وَعِندَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ كَذَلِكَ يَطْبَعُ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُـلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ } * { وَقَالَ فَرْعَوْنُ يٰهَامَانُ ٱبْنِ لِي صَرْحاً لَّعَـلِّيۤ أَبْلُغُ ٱلأَسْبَابَ } * { أَسْبَابَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ فَأَطَّلِعَ إِلَىٰ إِلَـٰهِ مُوسَىٰ وَإِنِّي لأَظُنُّهُ كَاذِباً وَكَـذَلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوۤءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ ٱلسَّبِيلِ وَمَا كَـيْدُ فِرْعَوْنَ إِلاَّ فِي تَبَابٍ }

قوله تعالى: { وَقَالَ ٱلَّذِيۤ آمَنَ يٰقَوْمِ إِنِّيۤ أَخَافُ عَلَيْكُمْ } - إلى قوله - { إِلاَّ فِي تَبَابٍ }.

أي: وقال الرجل الذي آمن من آل فرعون وكتم إيمانه: يا قوم إني أخاف عليكم إن قتلتم موسى ولم تؤمنوا بما جاءكم به.

{ مِّثْلَ يَوْمِ ٱلأَحْزَابِ } ، يعني: الذين تحزبوا على رسلهم.

{ مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ } ، أي: مثل عادة الله عز وجل فيهم وانتقامه منهم حين كفروا برسلهم.

قال ابن عباس: مثل دأب قوم نوح: مثل حالهم، وقال ابن زيد: معناه، مثل ما أصابهم.

وقوله: { وَٱلَّذِينَ مِن بَعْدِهِمْ } ، يعني به: قوم إبراهيم وقوم لوط، وهم أيضاً من الأحزاب.

وقوله: { وَمَا ٱللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِّلْعِبَادِ } ، أي: ليس الله جل ذكره بمعذب قوماً بغير جرم.

ثم قال تعالى ذكره حكاية عن قول المؤمن لقومه: { وَيٰقَوْمِ إِنِّيۤ أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ ٱلتَّنَادِ * يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ } ، أي: إني أخاف عليكم إن قتلتم موسى ولم تؤمنوا بما جاءكم به عقاب الله يوم التنادي، أي: يوم القيامة، أي: يوم يتنادى أصحاب الجنة والنار كما ذكر في سورة الأعراف وغيرها فقال:وَنَادَىۤ أَصْحَابُ ٱلْجَنَّةِ } [الأعراف: 44]،وَنَادَىٰ أَصْحَابُ ٱلأَعْرَافِ } [الأعراف: 48]،وَنَادَىٰ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ } [الأعراف: 50] قاله قتادة وابن زيد.

وروى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " يأمُر الله عز وجل إسرافيل عليه السلام بالنفخة الأولى فيقول: انفخ نفخة الفزع فيفزع أهل السماوات والأرض إلا من شاء الله، ويأمره فيديمها ويطولها فلا تفتر - وهي التي يقول الله عز وجل: " { وَمَا يَنظُرُ هَـٰؤُلآءِ إِلاَّ صَيْحَةً واحِدَةً مَّا لَهَا مِن فَوَاقٍ } - فيسيِّر الله عز وجل الجبال فتكون سراباً، وترتج الأرض بأهلها رجاً - وهي التي يقول الله عز وجل { يَوْمَ تَرْجُفُ ٱلرَّاجِفَةُ * تَتْبَعُهَا ٱلرَّادِفَةُ * قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ } - فتكون (الأرض كالسفينة) المزنقة في البحر تمر بها الأمواج تكفأُ بأهلها، وكالقنديل (المعلق بالعرش) ترجحه (الأرواح فيميل الناس على ظهرها فتذهل المراضع وتضع الحوامل (وتشيب الولدان) وتطير الشياطين هاربة حتى تأتي الأقطار فتلقاها الملائكة فتضرب وجوهها، فترجع، ويولي الناس مدبرين ينادي بعضهم بعضاً، وهو اليوم الذي يقول الله عز وجل: { يَوْمَ ٱلتَّنَادِ * يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ } ".

فعلى هذا الحديث يكون التنادي في النفخة الأولى في الدنيا.

وقرأ الضحاك: يوم التنادي بتشديد الدال، جعله من نَدّ البعير إذا مر على وجهه هارباً. فهذا يراد به ما يكون يوم القيامة من حال الناس.

ويسعد هذه القراءة ويقويها ما روى عبد الله بن خالد قال:

يظهر للناس يوم القيامة عنق (من النار فيتولون) هاربين منها حتى تحيط بهم، فإذا أحاطت بهم قالوا: أين المفر؟

ثم أخذوا في البكاء حتى تنفد الدموع فيكون دماً، ثم يشخص الكفار فذلك قوله:

السابقالتالي
2 3