الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالُواْ رَبَّنَآ أَمَتَّنَا ٱثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا ٱثْنَتَيْنِ فَٱعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَىٰ خُرُوجٍ مِّن سَبِيلٍ } * { ذَلِكُم بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ ٱللَّهُ وَحْدَهُ كَـفَرْتُمْ وَإِن يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُواْ فَٱلْحُكْمُ للَّهِ ٱلْعَلِـيِّ ٱلْكَبِيرِ } * { هُوَ ٱلَّذِي يُرِيكُمْ آيَاتِهِ وَيُنَزِّلُ لَكُم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ رِزْقاً وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلاَّ مَن يُنِيبُ } * { فَٱدْعُواْ ٱللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْكَافِرُونَ } * { رَفِيعُ ٱلدَّرَجَاتِ ذُو ٱلْعَرْشِ يُلْقِي ٱلرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنذِرَ يَوْمَ ٱلتَّلاَقِ } * { يَوْمَ هُم بَارِزُونَ لاَ يَخْفَىٰ عَلَى ٱللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِّمَنِ ٱلْمُلْكُ ٱلْيَوْمَ لِلَّهِ ٱلْوَاحِدِ ٱلْقَهَّارِ } * { ٱلْيَوْمَ تُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَـسَبَتْ لاَ ظُلْمَ ٱلْيَوْمَ إِنَّ ٱللَّهَ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ } * { وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ ٱلأَزِفَةِ إِذِ ٱلْقُلُوبُ لَدَى ٱلْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلاَ شَفِيعٍ يُطَاعُ } * { يَعْلَمُ خَآئِنَةَ ٱلأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي ٱلصُّدُورُ } * { وَٱللَّهُ يَقْضِي بِٱلْحَقِّ وَٱلَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لاَ يَقْضُونَ بِشَيْءٍ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْبَصِيرُ }

قوله تعالى: { قَالُواْ رَبَّنَآ أَمَتَّنَا ٱثْنَتَيْنِ } - إلى قوله - { ٱلسَّمِيعُ ٱلْبَصِيرُ }.

قال ابن عباس والضحاك: هذا مثل قوله تعالى:وَكُنْتُمْ أَمْوَٰتاً فَأَحْيَٰكُمْ } [البقرة: 28] الآية.

وقال قتادة: كانوا أمواتاً في أصلاب أبائهم فأحياهم الله عز وجل في الدنيا، ثم أماتهم الموتة التي لا بد منها، ثم أحياهم للبعث، فهاتان حياتان وموتتان.

وقال السدي: أُميتوا في الدنيا، ثم أُحيوا في قبورهم فسئلوا وخوطبوا ثم أميتوا في قبورهم، ثم أحيوا في الآخرة.

وقال ابن زيد: خلقهم من ظهر آدم حين أخذ عليهم الميثاق، وأماتهم، ثم خلقهم في الأرحام، ثم أماتهم في الدنيا، ثم أحياهم في الأخرة.

وقوله تعالى: { فَٱعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَىٰ خُرُوجٍ مِّن سَبِيلٍ } ، أي: فأقررنا بذنوبنا، فهل إلى خروج من النار لنا سبيل، فهل إلى كرة فنرجع إلى الدنيا فنعمل غير الذي كنا نعمل.

ثم قال تعالى: { ذَلِكُم بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ ٱللَّهُ وَحْدَهُ كَـفَرْتُمْ وَإِن يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُواْ }. في الكلام حذف؛ والتقدير: فأجيبوا أن لا سبيل إلى الخروج، ذلكم العذاب بأنه إذا دعي الله وحده كفرتم، أي: إذا وحده موحد أشركتم وإن أشرك به مشرك صدقتموه.

وذكر ابن وهب عن محمد بن كعب القرظي أنه قال: لأهل النار خمس دعوات، يكلمهم الله في الاربعة فإذا كانت الخامسة سكتوا: { قَالُواْ رَبَّنَآ أَمَتَّنَا ٱثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا ٱثْنَتَيْنِ فَٱعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَىٰ خُرُوجٍ مِّن سَبِيلٍ }. قال: فيراجعهم بهذه الآية: { ذَلِكُم بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ ٱللَّهُ وَحْدَهُ كَـفَرْتُمْ } الآية.

ثم يقولون:رَبَّنَآ أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَٱرْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ } [السجدة: 12] قال: فيرد عليهم:وَلَوْ شِئْنَا لآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا } [السجدة: 13] - إلى -أَجْمَعِينَ } [السجدة: 13].

ثم يقولون:رَبَّنَآ أَخِّرْنَآ إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ نُّجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ ٱلرُّسُلَ } [إبراهيم: 44]. قال: فيراجعهم بهذه الآية:أَوَلَمْ تَكُونُوۤاْ أَقْسَمْتُمْ مِّن قَبْلُ مَا لَكُمْ مِّن زَوَالٍ } [إبراهيم: 44].

قال: ثم يقولون:رَبَّنَآ أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً غَيْرَ ٱلَّذِي كُـنَّا نَعْمَلُ } [فاطر: 37] فيراجعهم:أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَآءَكُمُ ٱلنَّذِيرُ } [فاطر: 37].

قال: ثم يقولون:رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا } [المؤمنون: 106]، قال: فيراجعهم:ٱخْسَئُواْ فِيهَا وَلاَ تُكَلِّمُونِ } [المؤمنون: 108].

قال: فكان آخر كلامهم ذلك.

قال أبو محمد: وفي بعض رواية هذا الحديث تقديم وتأخير فيما ذكرنا.

ثم قال تعالى: { فَٱلْحُكْمُ للَّهِ ٱلْعَلِـيِّ ٱلْكَبِيرِ }. أي فالقضاء لله، لا لما تعبدونه، العلي على كل شيء، الخبير الذي كل شيء دونه متصاغر له.

ثم قال تعالى: { هُوَ ٱلَّذِي يُرِيكُمْ آيَاتِهِ } ، أي: الله هو الذي يريكم أيها الناس حججه وأدلته على وحدانيته.

{ وَيُنَزِّلُ لَكُم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ رِزْقاً } ، يعني: الغيث، يخرج به أقواتكم وأقوات أنعامكم.

{ وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلاَّ مَن يُنِيبُ } ، أي: ما يتذكر حجج الله عز وجل وأدلته على قدرته ووحدانيته فيتعظ ويعتبر إلا من يرجع إلى توحيد الله سبحانه وطاعته جلت عظمته.

السابقالتالي
2 3 4