الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلاَّ خَطَئاً وَمَن قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَئاً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَىٰ أَهْلِهِ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُواْ فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَٰقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَىۤ أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ ٱللَّهِ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً }

قوله: { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلاَّ خَطَئاً } الآية.

قوله: { إِلاَّ خَطَئاً } استثناء ليس من الأول.

وإلا عند البصريين في هذا النوع بمعنى لكن.

وهذا كلام أوله حظر، وآخره في الظاهر إباحة، وقتل المؤمن لا يباح لكنه محمول على المعنى الباطن، ومعناه ما كان مؤمن ليقتل مؤمناً على النفي، والنفي يستثنى منه الإثبات، فهو محمول على معنى الأول وباطنه، فالمعنى أن المؤمن قد يقتل المؤمن خطأ فهو خبر، خبر بأنه قد يقع، وليس بإطلاق ولا إباحة قتل، ومثلهمَا كَانَ للَّهِ أَن يَتَّخِذَ مِن وَلَدٍ } [مريم: 35] فظاهر هذا الحظر، والله لا يحظر عليه.

ومعنى الآية: أنه ليس لمؤمن قتل مؤمن البتة إلا أن يقتله خطأ، فإن قتله خطأ، فعليه تحرير رقبة في ماله، ودية مسلمة إلى أهل المقتول يؤديها عاقلة القاتل { إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُواْ } أي: أن يتصدق أولياء المقتول على عاقلة القاتل بديته فيسقط عنهم الدية.

وقرأ أبو عبد الرحمان السلمي:

{ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُواْ } بالتاء أراد: تتصدقوا ثم أدغم.

قال مجاهد وغيره: هذه الآية نزلت في عيا[ش] ابن أبي ربيعة قتل رجلاً مؤمناً يحسب أنه كافر، وقد كان ذلك الرجل يعذب عياشاً بمكة، أخبر عياش النبي صلى الله عليه وسلم فنزلت: { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلاَّ خَطَئاً }.

قال ابن زيد: نزلت في أبي عامر، والد أبي الدرداء خرج في سرية فعدل إلى شعب يريد حاجة، فوجد رجلاً في غنم، فقتله، وكان يقول: لا إله لا الله، وأخذ غنمه فوجد من ذلك في نفسه، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فأنكر عليه النبي (عليه السلام) قتله، إذ قال: لا إله إلا الله فنزلت الآية: وقيل: نزلت في اليمان والد حذيفة، واسمه حسل من بني عبس قتل خطأ يوم أحد.

وروي أن حذيفة وأبا الدرداء تصدقا بدية أبويهما على من قتلهما، وكذلك قتل هشام بن صبابة الكناني خطأ فنزلت الآية في ذلك.

والآية عند جماعة العلماء عامة في كل من قتل خطأ واختلف في الرقبة، فقيل: لا يُعْتَق إلا مؤمن قد صام وصلى وعقل وبلغ، وقيل: كل مؤمن يجزئ وإن لم يبلغ.

ومعنى { وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ } أي موفرة، والدية مائة من الإبل على أهل الإبل.

وروي عن عمر أن على أهل الذهب ألف دينار، وعلى أهل الورق اثنى عشرة آلاف درهم.

قال مالك: على أهل الذهب ألف دينار، وعلى أهل الورق إثني عشر ألف درهم.

وقيل: دية الحر مائة من الإبل لا يجزئ غيرها، وبه قال الشافعي، قال إلا ألا توجد فيُأخذ الفدية، ويجعل [الإبل] خمسة أخماس خمس جذاع وخمس حقاق وخمس بنات لبون.

السابقالتالي
2 3