الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ ٱللَّهُ يُزَكِّي مَن يَشَآءُ وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً }

قوله { أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ } الآية.

معناه ألم تر بقلبك يا محمد، إلى اليهود الذين يطهرون أنفسهم من الذنوب ويمتدحونها، وهو قولهم:نَحْنُ أَبْنَاءُ ٱللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ } [المائدة: 18] فلا ذنوب لنا، قاله قتادة.

وقال الحسن وابن زيد: هم اليهود والنصارى قالوا:

وَقَالُواْ لَن يَدْخُلَ ٱلْجَنَّةَ إِلاَّ مَن كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَىٰ } [البقرة: 111] وقالوا:نَحْنُ أَبْنَاءُ ٱللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ } [المائدة: 18].

قال الضحاك والسدي: قالت اليهود ليس لنا ذنوب إلا كذنوب أولادنا يوم يولدون إنما نحن مثلهم ما عملنا بالنهار كفّر عنا بالليل، وقال الله عز وجل:انظُرْ كَيفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الكَذِبَ } [النساء: 50] الآية.

وقال مجاهد: تزكيتهم تقديم أولادهم لإمامتهم ولدعائهم يزعمون أنهم لا ذنوب لهم.

وقال عكرمة: كانوا يقدمون الصبيان الذين لم يبلغوا الحلم يصلون بهم، يقولون: ليست لهم ذنوب.

وقال ابن عباس كانوا يقولون: إن أبناءنا إن توفوا فهم لنا قربة عند الله يستشفعون لنا ويزكوننا.

وقال: ابن مسعود: " كانوا يقولون: كان بعضهم يزكي بعضاً، فقال الله تعالى: { يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ } أي: يزكي بعضهم بعضاً، كما قالتَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ } [البقرة: 85] أي: يقتل بعضكم بعضاً.

قوله: { بَلِ ٱللَّهُ يُزَكِّي مَن يَشَآءُ }. أي: يوفق من يشاء للطاعة، والعمل بما يزكيه أي: يزكي عمله. والزكاة: النماء.

قوله: { وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً } أي: ليس ينقصون من حقوقهم مقدار الفتيل، وروي عن ابن عباس انه قال: الفتيل ما خرج بين أصابعك من الوسخ إذا فتلتهما.

وقيل: ما خرج بين الكفين إذا فتلتهما. وعن ابن عباس أيضاً: الفتيل الذي في بطن النواة، يعني في شق النواة كالخيط، ومثله عن مجاهد، وهو فعيل بمعنى: مفعول: وقيل: الفتيل ما في (بطن) النواة.

والنقير: (النقرة) التي في ظهرها منها تنبت [النخلة]. والقطمير: القشرة الملفوفة عليها.

قال الأخفش: يزكون أنفسهم تمام، وخولف في هذا لأن ما بعده متصل به.