قوله { أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ } الآية. معناه ألم تر بقلبك يا محمد، إلى اليهود الذين يطهرون أنفسهم من الذنوب ويمتدحونها، وهو قولهم:{ نَحْنُ أَبْنَاءُ ٱللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ } [المائدة: 18] فلا ذنوب لنا، قاله قتادة. وقال الحسن وابن زيد: هم اليهود والنصارى قالوا: { وَقَالُواْ لَن يَدْخُلَ ٱلْجَنَّةَ إِلاَّ مَن كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَىٰ } [البقرة: 111] وقالوا:{ نَحْنُ أَبْنَاءُ ٱللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ } [المائدة: 18]. قال الضحاك والسدي: قالت اليهود ليس لنا ذنوب إلا كذنوب أولادنا يوم يولدون إنما نحن مثلهم ما عملنا بالنهار كفّر عنا بالليل، وقال الله عز وجل:{ انظُرْ كَيفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الكَذِبَ } [النساء: 50] الآية. وقال مجاهد: تزكيتهم تقديم أولادهم لإمامتهم ولدعائهم يزعمون أنهم لا ذنوب لهم. وقال عكرمة: كانوا يقدمون الصبيان الذين لم يبلغوا الحلم يصلون بهم، يقولون: ليست لهم ذنوب. وقال ابن عباس كانوا يقولون: إن أبناءنا إن توفوا فهم لنا قربة عند الله يستشفعون لنا ويزكوننا. وقال: ابن مسعود: " كانوا يقولون: كان بعضهم يزكي بعضاً، فقال الله تعالى: { يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ } أي: يزكي بعضهم بعضاً، كما قال{ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ } [البقرة: 85] أي: يقتل بعضكم بعضاً. قوله: { بَلِ ٱللَّهُ يُزَكِّي مَن يَشَآءُ }. أي: يوفق من يشاء للطاعة، والعمل بما يزكيه أي: يزكي عمله. والزكاة: النماء. قوله: { وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً } أي: ليس ينقصون من حقوقهم مقدار الفتيل، وروي عن ابن عباس انه قال: الفتيل ما خرج بين أصابعك من الوسخ إذا فتلتهما. وقيل: ما خرج بين الكفين إذا فتلتهما. وعن ابن عباس أيضاً: الفتيل الذي في بطن النواة، يعني في شق النواة كالخيط، ومثله عن مجاهد، وهو فعيل بمعنى: مفعول: وقيل: الفتيل ما في (بطن) النواة. والنقير: (النقرة) التي في ظهرها منها تنبت [النخلة]. والقطمير: القشرة الملفوفة عليها. قال الأخفش: يزكون أنفسهم تمام، وخولف في هذا لأن ما بعده متصل به.