الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ ٱلصَّلَٰوةَ وَأَنْتُمْ سُكَٰرَىٰ حَتَّىٰ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ وَلاَ جُنُباً إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىٰ تَغْتَسِلُواْ وَإِنْ كُنْتُمْ مَّرْضَىٰ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَآءَ أَحَدٌ مِّنْكُمْ مِّن ٱلْغَآئِطِ أَوْ لَٰمَسْتُمُ ٱلنِّسَآءَ فَلَمْ تَجِدُواْ مَآءً فَتَيَمَّمُواْ صَعِيداً طَيِّباً فَٱمْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَفُوّاً غَفُوراً }

قوله: { يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ ٱلصَّلَٰوةَ وَأَنْتُمْ سُكَٰرَىٰ } الآية.

{ جُنُباً } و { عَابِرِي سَبِيلٍ } نصب على الحال.

ومعنى { سُكَٰرَىٰ } أي: من الخمر، وهذا قبل تحريم الخمر فأمرهم الله ألا يقربوها، وهم سكارى حتى يعلموا ما يقولون.

وقيل: إن ناساً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم شربوا الخمر قبل تحريمها، فصلى بهم أحدهم فقرأ: { قُلْ يٰأَيُّهَا ٱلْكَافِرُونَ } فخلط فيها، فنزلت الآية، ينهاهم عن قرب الصلاة في حال السكر حتى يعلموا ما يقرأون ثم نسخ شربها بالتي في المائدة.

وروي عن علي رضي الله عنه أنه قال: " فِيَّ أنزلت الآية " { لاَ تَقْرَبُواْ ٱلصَّلَٰوةَ وَأَنْتُمْ سُكَٰرَىٰ } قال: دعانا رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم طلحة وغيره فأكلنا وشربنا. فقدموني إلى الصلاة فقرأت فيها: (قل يا أيها الكافرون، أعبد ما تعبدون، وأنتم عابدون ما أعبد، وأنا عابد ما تعبدون) فكان هذا قبل تحريم الخمر. وقيل هي محكمة.

ومعنى السكر هنا: " السكر من النوم " ، قاله الضحاك.

وعلى القول الأول أكثر أهل التفسير والعلماء لتواتر الأخبار أنها نزلت في الخمر قبل تحريمه.

قوله: { وَلاَ جُنُباً إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ } أي: لا تقربوها جنباً إلا أن تمروا [بـ] موضعها مجتازين حتى تغتسلوا.

وقيل المعنى: في { إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ } أي: إلا أن تكونوا مسافرين فتتيمموا لها. وقال علي بن أبي طالب وقاله مجاهد وابن جبير قال: هو الرجل يكون في السفر تصيبه جنابة فيتيمم ويصلي. وعليه جماعة من أهل التفكير فيكون المعنى لا تصلوا وأنتم جنب إلا أن تكونوا مسافرين غير واجدين للماء، وقيل: معنى لا تقربوا مواضع الصلاة جنباً إلا عابري سبيل أي: أن تكونوا مجتازين في المسجد.

[قال ابن عباس { إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ }. قال لا تقربوا المسجد إلا أن يكون طريقك فتمر فيه مراً ولا تجلس، وقال النخعي: يمر فيه إذا لم يجد طريقاً غيره.

وقال ابن زيد: نزلت في رجل من الأنصار كانت أبوابهم في المسجد، وكانت تصيبهم الجنابة ولا ماء عندهم، يريدون الماء فلا يجدون ممراً، إلا المسجد، فأنزل الله عز وجل { وَلاَ جُنُباً إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ } رخصة لهم.

وذهب مالك والشافعي أن الجنب يمر في المسجد عابر سبيل.

قال مالك: لا تدخل الحائض المسجد، وأرخص لها غيره أن تمر فيه كالجنب.

وقال ابن حنبل: إذا توضأ الجنب فلا بأس أن يجلس في المسجد.

وكذلك قال إسحاق.

والجنب هنا من أنزل في قول جماعة من العلماء دون أن يجامع ولا ينزل، روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:

" الماء من الماء " فلا غسل عليه إلا بإنزال الماء عند جماعة من الصحابة هو قول علي وابن مسعود والخدري وابن عباس وأُبي بن كعب، وسعد بن أبي وقاص، ورافع بن خديج، وأبي أيوب الأنصاري.

السابقالتالي
2