الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ ٱلنَّاسَ بِٱلْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَآ آتَاهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُّهِيناً }

قوله: { ٱلَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ ٱلنَّاسَ بِٱلْبُخْلِ } الآية:

{ ٱلَّذِينَ } " بدل مِن " مَن وقيل: هم في موضع رفع بالابتداء، والخبرإِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ } [النساء: 40] أي لا يظلم. وقال الأخفش: الذين في موضع رفع بالابتداء، والخبر محذوف دل عليه ما بعده، وتقديره الذين يبخلون قرناء الشيطان ودل على هذا قوله:وَمَن يَكُنِ ٱلشَّيْطَانُ لَهُ قَرِيناً فَسَآءَ قِرِيناً } [النساء: 38] وقد أغفل النحاس في الإعراب هذا القول فلم يذكره وهو في كتاب الأخفش. وقيل: الذين في موضع (رفع) بدل من الضمير في فخور، ويجوز أن يكون في موضع رفع على إضمار مبتدأ، ويجوز أن يكون في موضع نصب على إضمار أعني.

والبخل لغتان، وفيه [لغتان] غير هاتين، ويقال: البُخُل والبَخْل، ومعنى الآية: إن الله لا يحب المختال الفخور الذي يبخل بماله ويأمر الناس بالبخل.

وقد روي أن البخل هنا: كتمان أمر محمد عليه السلام، وعنى به اليهود والنصارى وهم يجدونه مكتوباً في التوراة والإنجيل.

ومعنى { وَيَكْتُمُونَ مَآ آتَاهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ } هم اليهود كتموا و { مَآ آتَاهُمُ ٱللَّهُ } من أمر محمد صلى الله عليه وسلم وما عندهم من علمه.

وقال ابن زيد: هم اليهود بخلوا بما آتاهم الله من الرزق، وكتموا ما آتاهم من العلم في أمر النبي صلى الله عليه وسلم وغيره.

وقال ابن عباس: كان رجال من أشراف يهود يأتون رجالاً من الأنصار، ويخالطوهم، ويستنصحون لهم: لا تنفقوا أموالكم فإنا نخاف عليكم الفقر في ذهابها، فأنزل الله عز وجل { ٱلَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ ٱلنَّاسَ بِٱلْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَآ آتَاهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ } أي: يكتمون نبوة محمد صلى الله عليه وسلم وأمره وذلك كله في التوراة.

وروي أن فيها: خاتم النبيين، وسيد العاملين، وأمته الحمادون، ويشدون أوساطهم، ويفترسون جبالهم، تسيل دموعهم على خدودهم وهم يجأرون إلى الله في فكاك رقابهم.

قوله: { وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ } أي للجاحدين نبوة محمد صلى الله عليه وسلم { عَذَاباً مُّهِيناً } أي مذلاً.