الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلرِّجَالُ قَوَّٰمُونَ عَلَى ٱلنِّسَآءِ بِمَا فَضَّلَ ٱللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَآ أَنْفَقُواْ مِنْ أَمْوَٰلِهِمْ فَٱلصَّٰلِحَٰتُ قَٰنِتَٰتٌ حَٰفِظَٰتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ ٱللَّهُ وَٱلَّٰتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَٱهْجُرُوهُنَّ فِي ٱلْمَضَاجِعِ وَٱضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً }

قوله: { ٱلرِّجَالُ قَوَّٰمُونَ عَلَى ٱلنِّسَآءِ } الآية.

قال ابن عباس: الرجل أمين على المرأة تطيعه فيما أمرها به، فهو قائم عليها يقوم بنفقتها، ومؤنتها ويسوق مهرها، فهو فضله (الذي فضله) الله عز وجل عليها.

وقال السدي: معنى قوله: " قوامون يأخذون على أيديهن ويؤدبوهن. وهذه الآية نزلت في رجل من الأنصار، لطم امرأته فخوصم، إلى النبي عليه السلام فقضى لها بالقصاص فأنزل الله عز وجل { ٱلرِّجَالُ قَوَّٰمُونَ عَلَى ٱلنِّسَآءِ } الآية: فلم يقتص منه، قاله الحسن وقتادة.

وقيل: إن قولهوَلاَ تَعْجَلْ بِٱلْقُرْآنِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَىٰ إِلَيْكَ وَحْيُهُ } [طه: 114] نزل في أمر الرجال حين جعل عليه القصاص، وعلى ذلك أهل التفسير.

كان الزهري يقول: ليس بين الرجل، وامرأته قصاص فيما دون النفس. وروي أن أم سلمة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: ما بال النساء لهن نصيب وللرجال نصيبان؟ ما بال شهادة امرأتين مثل شهادة رجل؟ وذكرت أشياء في فضل الرجال، فأنزل الله عز وجل { ٱلرِّجَالُ قَوَّٰمُونَ عَلَى ٱلنِّسَآءِ }.

وقال معاذ بن جبل رضي الله عنه: " قدمتُ الشام، فرأيت النصارى يسجدون لأساقفتهم وبطارقتهم، فوقع في نفسي أَنَّا أحق أن نفعل هذا بالنبي فلما قدمت المدينة سجدت له، فقال ما هذا فأخبر(ته) بما رأيت فقال: " لو كنت آمراً أن يسجد أحد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها، والذي نفسي بيده لا تؤدي امرأة حق الله عليها حتى تؤدي حق زوجها " ".

ومعنى: { بِمَا فَضَّلَ ٱللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ } الآية.

أي: بفضل الرجل على النساء، كانوا قوامين عليهن بما فضل، هو جودة العقل والتمييز والإنفاق، وسَوْق المهر والجهاد وجواز الشهادة وغير ذلك، كله فضل به الرجل على المرأة.

قوله: { وَبِمَآ أَنْفَقُواْ مِنْ أَمْوَٰلِهِمْ } أي: " فضل الرجال على النساء بما ذكرنا، { وَبِمَآ } ساقوا من أموالهم إلى النساء من مهور ونفقة { فَٱلصَّٰلِحَٰتُ } هن المستقيمات لأزواجهن " { قَٰنِتَٰتٌ } أي: طائعات لله ولأزواجهن { حَٰفِظَٰتٌ لِّلْغَيْبِ } أي يحفظن أنفسهن عند غيبة أزواجهن [في فروجهن وأموال أزواجهن.

وقيل: المعنى: طائعات لأزواجهن] ما غاب عنهم من سرهن وشأنهن.

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: " " خير النساء امرأة إذا نظرت إليها سرتك. وإذا أمرتها أطاعتك وإذا غبت عنها حفظتك، في مالك ونفسها " ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم { فَٱلصَّٰلِحَٰتُ قَٰنِتَٰتٌ } الآية ".

ومعنى { بِمَا حَفِظَ ٱللَّهُ } أي: يحفظ الله إياهن: أي صيرهن كذلك قال سفيان: لحفظ الله إياها إذ جعلها كذلك.

ومن نصب " الله " وهي قراءة جعفر، فالمعنى: فيهن يحفظهن الله في طاعته، وأداء حقه فيما لزمهن به في حفظ غيبة أزواجهن، كقولك للرجل: ما حفظت الله في كذا وكذا والمعنى: بمراقبتهن في حفظ أزواجهن.

السابقالتالي
2