قوله: { ٱلرِّجَالُ قَوَّٰمُونَ عَلَى ٱلنِّسَآءِ } الآية. قال ابن عباس: الرجل أمين على المرأة تطيعه فيما أمرها به، فهو قائم عليها يقوم بنفقتها، ومؤنتها ويسوق مهرها، فهو فضله (الذي فضله) الله عز وجل عليها. وقال السدي: معنى قوله: " قوامون يأخذون على أيديهن ويؤدبوهن. وهذه الآية نزلت في رجل من الأنصار، لطم امرأته فخوصم، إلى النبي عليه السلام فقضى لها بالقصاص فأنزل الله عز وجل { ٱلرِّجَالُ قَوَّٰمُونَ عَلَى ٱلنِّسَآءِ } الآية: فلم يقتص منه، قاله الحسن وقتادة. وقيل: إن قوله{ وَلاَ تَعْجَلْ بِٱلْقُرْآنِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَىٰ إِلَيْكَ وَحْيُهُ } [طه: 114] نزل في أمر الرجال حين جعل عليه القصاص، وعلى ذلك أهل التفسير. كان الزهري يقول: ليس بين الرجل، وامرأته قصاص فيما دون النفس. وروي أن أم سلمة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: ما بال النساء لهن نصيب وللرجال نصيبان؟ ما بال شهادة امرأتين مثل شهادة رجل؟ وذكرت أشياء في فضل الرجال، فأنزل الله عز وجل { ٱلرِّجَالُ قَوَّٰمُونَ عَلَى ٱلنِّسَآءِ }. وقال معاذ بن جبل رضي الله عنه: " قدمتُ الشام، فرأيت النصارى يسجدون لأساقفتهم وبطارقتهم، فوقع في نفسي أَنَّا أحق أن نفعل هذا بالنبي فلما قدمت المدينة سجدت له، فقال ما هذا فأخبر(ته) بما رأيت فقال: " لو كنت آمراً أن يسجد أحد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها، والذي نفسي بيده لا تؤدي امرأة حق الله عليها حتى تؤدي حق زوجها " ". ومعنى: { بِمَا فَضَّلَ ٱللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ } الآية. أي: بفضل الرجل على النساء، كانوا قوامين عليهن بما فضل، هو جودة العقل والتمييز والإنفاق، وسَوْق المهر والجهاد وجواز الشهادة وغير ذلك، كله فضل به الرجل على المرأة. قوله: { وَبِمَآ أَنْفَقُواْ مِنْ أَمْوَٰلِهِمْ } أي: " فضل الرجال على النساء بما ذكرنا، { وَبِمَآ } ساقوا من أموالهم إلى النساء من مهور ونفقة { فَٱلصَّٰلِحَٰتُ } هن المستقيمات لأزواجهن " { قَٰنِتَٰتٌ } أي: طائعات لله ولأزواجهن { حَٰفِظَٰتٌ لِّلْغَيْبِ } أي يحفظن أنفسهن عند غيبة أزواجهن [في فروجهن وأموال أزواجهن. وقيل: المعنى: طائعات لأزواجهن] ما غاب عنهم من سرهن وشأنهن. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: " " خير النساء امرأة إذا نظرت إليها سرتك. وإذا أمرتها أطاعتك وإذا غبت عنها حفظتك، في مالك ونفسها " ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم { فَٱلصَّٰلِحَٰتُ قَٰنِتَٰتٌ } الآية ". ومعنى { بِمَا حَفِظَ ٱللَّهُ } أي: يحفظ الله إياهن: أي صيرهن كذلك قال سفيان: لحفظ الله إياها إذ جعلها كذلك. ومن نصب " الله " وهي قراءة جعفر، فالمعنى: فيهن يحفظهن الله في طاعته، وأداء حقه فيما لزمهن به في حفظ غيبة أزواجهن، كقولك للرجل: ما حفظت الله في كذا وكذا والمعنى: بمراقبتهن في حفظ أزواجهن.