قوله { وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَٰلِيَ مِمَّا تَرَكَ ٱلْوَٰلِدَانِ وَٱلأَقْرَبُونَ } الآية. الموالي: الورثة، يعني العصبة، كذلك قال ابن جبير عن ابن عباس، وقال مجاهد وقتادة: فالمعنى ولكلكم جعلنا عصبة يرثون ما تركتم، ولفظ الآية عام يراد به الخصوص إذ ليس [كل إنسان له عصبة معلومة ترثه، وكل إنسان له عصبة غير معلومة. وقد قال مالك: كل] من هلك من العرب فلا يخلوا أن يكون له وارث بهذه الآية وإن لم تعرف عينه. قوله: { وَٱلَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَٰنُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ } كان الرجل يحالف الرجل وليس بينه وبينه نسب يرث أحدهما الآخر، فأمروا أن يعطوهم نصيبهم. ثم نسخ الله ذلك بالميراث بقوله{ وَأْوْلُواْ ٱلأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَىٰ بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ ٱللَّهِ } [الأنفال: 75، والأحزاب: 6] وقال ابن عباس: " كانت الأنصار ترث المهاجرين للأخوة التي آخى النبي صلى الله عليه وسلم بينهم حين نزلت { وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَٰلِيَ مِمَّا تَرَكَ ٱلْوَٰلِدَانِ وَٱلأَقْرَبُونَ } فنسخت ما كانوا عليه. قوله { وَٱلَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَٰنُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ } يعني من النصر والنصيحة والرفد ويوصى لهم. وقال ابن عباس وغيره: كان الرجل يعاقد الرجل أيهما مات قبل صاحبه ورثه، فأنزل الله عز وجل { وَأُوْلُو ٱلأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَىٰ بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ ٱللَّهِ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُهَاجِرِينَ } ثم قال:{ إِلاَّ أَن تَفْعَلُوۤاْ إِلَىٰ أَوْلِيَآئِكُمْ مَّعْرُوفاً } [الأحزاب: 6] أي: إلا أن ترضوا للذين عاقدتم وصية، فهي لهم جائزة من الثلث. والمعاقدة التي كانت بينهم هو أن يقول: دمي ودمك، وتطلب بي وأطلب بك، وتورثني وأرث بك، فجعل في أول الإسلام السدس من المال، ويقسمُ الباقي في الورثة ثم نسخ ذلك في الأنفال. وقيل: نزلت في الذين كانوا يتبنون في الجاهلية، فأمروا أن يوصوا لهم ونسخ فرضهم. وقال ابن إسحاق: كان الرجل الذليل يأتي العزيز فيعاقده باليمين ويقول له: أنا ابنك، ترثني وأرثك، وحرمتي وحرمتك، ودمي ودمك، وثأري ثأرك، فأمر الله عز وجل بالوفاء لهم قبل تسمية الميراث، ثم نسخ بالميراث في الأنفال.