الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِم بَآيَاتِ ٱللَّهِ وَقَتْلِهِمُ ٱلأَنْبِيَآءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ ٱللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً } * { وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَىٰ مَرْيَمَ بُهْتَاناً عَظِيماً } * { وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا ٱلْمَسِيحَ عِيسَى ٱبْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ ٱللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَـٰكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ ٱلَّذِينَ ٱخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ ٱتِّبَاعَ ٱلظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً } * { بَل رَّفَعَهُ ٱللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ ٱللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً }

قوله: { فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِم بَآيَاتِ ٱللَّهِ } الآية.

المعنى: وينقض هؤلاء الذين تقدمت صفتهم: الميثاق - وهو كتمانهم أمر النبي صلى الله عليه وسلم، وقد أخذ عليهملَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَآءَ ظُهُورِهِمْ } [آل عمران: 187] وكفرهم بآيات الله أي: بإعلامه وأدلته وبـ { وَقَتْلِهِمُ ٱلأَنْبِيَآءَ بِغَيْرِ حَقٍّ } وبـ { وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ } أي: عليها غشاوة وأغطية عما يقول، فلا نفهمه عنك، فأخبر الله عز وجل بكذبهم في قولهم، وقال { بَلْ طَبَعَ ٱللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ } أي: ليست بغلف، ولكن طبع الله عليها طابعاً من أجل كفرهم بالله { فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً } لأنهم إنما صدقوا ببعض الأنبياء، فإيمانهم قليل لأنهم قد كذبوا بأكثر الأنبياء فيما جاءوا به، ومن كذب بالبعض، فهو مكذب بالكل من جهة أن الذي صدق به من نبي وكتاب يصدق ما كذب به هو ويقرب بصحته وهذا كلام متصل بما قبله.

والمعنى: فبنقضهم ميثاقهم وبكفرهم، وبكذا وبكذا أخذتهم الصعقة.

قال الطبري: هذا غلط لأن الذين أخذتهم الصاعقة قوم موسى صلى الله عليه وسلم، والذين رموا مريم بالبهتان بعدهم بدهر طويل، فهؤلاء غير هؤلاء.

والذي قال الطبري لا يلزم، لأن اليهود قد تأخروا، وهم الذين طالبوا عيسى صلى الله عليه وسلم بالصاعقة، وإن لم تأخذهم بأعيانهم، فقد أخذت آباءهم. فالمراد آباؤهم على ما مضى في البقرة وفي غيرها لأنهم راضون بما كان عليه آباؤهم من الكفر فلهم من الحكم ما لآبائهم إذ هم على مذهبهم.

وقال قتادة: { لَعنَّاهُمْ } محذوف من الكلام كأنه: فبنقضهم ميثاقهم وفعلهم كذا وكذا لعناهم وهو اختيار الطبري. قال: ودل على المحذوف قوله: { بَلْ طَبَعَ ٱللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ } لأن من طبع الله على قلبه فقد لعنه الله وغضب عليه.

وقيل: المعنى: فبنقضهم ميثاقهم وفعلهم كذا (وقولهم كذا). طبع الله عليها.

وقال الزجاج: المعنى: فبنقضهم ميثاقهم حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم.

قوله: { وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَىٰ مَرْيَمَ بُهْتَاناً عَظِيماً } { وَبِكُفْرِهِمْ } أي: بمحمد صلى الله عليه وسلم { وَقَوْلِهِمْ عَلَىٰ مَرْيَمَ } هو أنهم رموها بالزنا { وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا ٱلْمَسِيحَ } أي: بدعواهم ذلك، فأكذبهم الله في ذلك، فقال: { وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَـٰكِن شُبِّهَ لَهُمْ }.

قيل: إن اليهود أحاطوا بعيسى ومن معه وهم لا يشبهون عيسى بعينه فحولوا جميعاً في صورة عيسى، فأشكل عليهم أمر عيسى، فخرج إليهم بعض من كان في البيت مع عيسى، فقتلوه وهم يحسبون أنه عيسى.

قال وهب بن منبه: أتى عيسى ومن معه سبعة عشر من الحواريين في بيت، فأحاط بهم اليهود، فكلما دخلوا عليهم صورهم الله كلهم على صورة عيسى، فقالوا لهم: سحرتمونا لتبرزن لنا عيسى أو لنقتلنكم جميعاً، قال عيسى لأصحابه: من يشتري اليوم نفسه بالجنة؟ قال رجل منهم: أنا فخرج إليهم.

السابقالتالي
2 3