الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَن تَسْتَطِيعُوۤاْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ ٱلنِّسَآءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلاَ تَمِيلُواْ كُلَّ ٱلْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَٱلْمُعَلَّقَةِ وَإِن تُصْلِحُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً }

قوله: { وَلَن تَسْتَطِيعُوۤاْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ ٱلنِّسَآءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ... } الآية:

المعنى: ولن تطيقوا أيها الرجال أن تسووا بين النساء في حبهن بقاؤكم حتى تعدلوا بينهن، فلا تكون لبعضهن مزية على بعض { وَلَوْ حَرَصْتُمْ } فإن ذلك مما لا تقدرون عليه { فَلاَ تَمِيلُواْ كُلَّ ٱلْمَيْلِ } أي: لا تميلوا على من لم تملكوا صحبته من قلوبكم فتجوروا عليها بترك أداء الواجب لها { فَتَذَرُوهَا كَٱلْمُعَلَّقَةِ } أي كالتي هي لا ذات زوج، ولا هي أيم.

وليس في قوله: { فَلاَ تَمِيلُواْ كُلَّ ٱلْمَيْلِ } دليل على جواز بعض الميل، إنما معناه لا تميلوا بما تقدرون على تركه ميل الميل فهو أمر يُغلب الإنسان عليه، ولذلك كان عمر رضي الله عنه يقول: " اللهم أما قلبي فلا أملك، وأما غير ذلك فأرجو أن أعدل ".

وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقسم بين نسائه فيعدل ويقول: " اللهم هذه قسمتي فيما أملك، فلا تلمني فيما تملك ولا أملك ".

قال ابن أبي مليكة: " نزل ذلك في عائشة رضي الله عنها. يعني كان النبي صلى الله عليه وسلم يحبها أكثر من غيرها ".

قال سفيان: " نزلت في الحب والجماع ".

وقال السدي: { فَلاَ تَمِيلُواْ كُلَّ ٱلْمَيْلِ } قال: " تجوز عليها فلا تنفق ولا تقسم ".

وروى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " من كانت له امرأتان يميل [مع] إحداهما على الأخرى جاء يوم القيامة أحد شقيه ساقط ".

وقال قتادة: " المعلقة ": المحبوسة.

وقال ابن جبير: " لا مطلقة ولا ذات بعل.

قوله: { وَإِن تُصْلِحُواْ وَتَتَّقُواْ } أي تصلحوا أعمالكم، فتعدلوا في أزواجكم، وتتقوا الله فيهن { فَإِنَّ ٱللَّهَ } لم يزل { غَفُوراً رَّحِيماً } لكم أي يستر عليكم ما سلف منكم (رحيماً بكم).