الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي ٱلنِّسَآءِ قُلِ ٱللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ فِي ٱلْكِتَٰبِ فِي يَتَٰمَى ٱلنِّسَآءِ ٱلَّٰتِي لاَ تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَن تَنكِحُوهُنَّ وَٱلْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ ٱلْوِلْدَٰنِ وَأَن تَقُومُواْ لِلْيَتَٰمَىٰ بِٱلْقِسْطِ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِهِ عَلِيماً }

قوله: { وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي ٱلنِّسَآءِ قُلِ ٱللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ... } الآية.

" ما " في قوله: { وَمَا يُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ } في موضع رفع عطف على اسم الله عز وجل.

" وما " هو القرآن. أي الله يفتيكم فيهن، والقرآن يفتيكم فيهن أيضاً، وهو قول ابن عباس وغيره.

وقال الفراء، { مَا } في موضع خفض عطف على الضمير في { فِيهِنَّ } أي: الله يفتيكم في النساء، وفيما يتلى عليكم يفتيكم، وهو غلط عند البصريين لأنه عطف ظاهر على مضمر مخفوض.

وقيل { مَا } في موضع رفع بالابتداء، و { مَا } القرآن أيضاً على معنى: (ما يتلى عليكم يفتيكم).

قوله: { وَتَرْغَبُونَ أَن تَنكِحُوهُنَّ }.

المعنى عن أن، وأن في موضع نصب بحذف الخافض.

وقيل المعنى: وترغبون في أن تنكحوهن، والإعراب واحد، والمعنى مختلف معنى قول من أضمر " عن " إنهم لا يريدون نكاحهن ومن أضمر " في " فمعناه أنهم يريدون نكاحهن ويرغبون في ذلك.

قوله: { وَٱلْمُسْتَضْعَفِينَ } عطف على يتامى النساء، أي يتلى عليكم في يتامى النساء، وفي المستضعفين.

ومعنى الآية: إن أهل الجاهلية كانوا لا يورثون المولود حتى يكبر، ولا يورثون المرأة، فلما كان الإسلام سأل المؤمنون النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فقال الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم: { قُلِ ٱللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ فِي ٱلْكِتَٰبِ } يفتيكم أيضاً يعني ما في أول السورة من الفرائض في اليتامى.

قالت عائشة: " هذا في اليتيمة تكون عند الرجل لعلها أن تكون شريكته في ماله، وهو أولى بها من غيره فيرغب عنها أن ينكحها ويعضلها لما لها فلا يُنكحها غيره كراهة أن يشركه أحد في مالها ".

فهذا التفسير يجري على قول من أضمر " عن " مع " أن ".

وقال ابن جبير: كان لا يرث إلا الرجل الذي قد بلغ، ولا يرث الصغير ولا المرأة، فلما نزلت المواريث في أول النساء توقفوا، ثم سألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فأنزل الله عز وجل { قُلِ ٱللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ فِي ٱلْكِتَٰبِ } أي: في أول السورة، قال وكان الولي إذا كانت عنده المرأة ذات الجمال والمال رغب فيها ونكحها، وإن لم تكن ذات جمال ومال أنكحها غيره.

وقال النخعي: كان الرجل إذا كانت عنده يتيمة دميمة لم يعطها ميراثها وحبسها عن التزويج حتى تموت فيرثها فنهى الله عز وجل عن ذلك { وَمَا يُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ فِي ٱلْكِتَٰبِ فِي يَتَٰمَى ٱلنِّسَآءِ ٱلَّٰتِي لاَ تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَن تَنكِحُوهُنَّ } أي: عن أن تنكحوهن، وذلك كله كان في الجاهلية.

وقال ابن جبير { وَمَا يُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ فِي ٱلْكِتَٰبِ } هو ما أتى في آخر السورة قوله:

السابقالتالي
2