قوله: { لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلاۤ أَمَانِيِّ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوۤءًا يُجْزَ بِهِ } الآية. قال مسروق: تفاخر النصارى والمسلمون، فقال هؤلاء: نحن أفضل، وقال هؤلاء: نحن أفضل منكم. فأنزل الله عز وجل: { لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلاۤ أَمَانِيِّ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ } الآية. ثم أفلح الله تعالى حجة المؤمنين فقال: { وَمَن يَعْمَلْ مِنَ ٱلصَّٰلِحَٰتِ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَـٰئِكَ يَدْخُلُونَ ٱلْجَنَّةَ } ثم زاد في الفضل فقال: { وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله وَهُوَ مُحْسِنٌ } الآية. وقال قتادة: تفاخر المسلمون وأهل الكتاب، فقال أهل الكتاب: نبينا قبل نبيكم، وكتابنا قبل كتابكم، ونحن أحق بالله منكم، وقال المسلمون: نبينا خاتم النبيين، وكتابنا يقضي على الكتب التي كانت قبله، فأنزل الله { لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ } الآية. أي: ليس ذلك الذي قلتم بأمانيكم ففي ليس اسمها في جميع هذه الأقوال. { مَن يَعْمَلْ سُوۤءًا } ابتداء شرط، وجوابه خبره وهو: { يُجْزَ بِهِ }. وقال الضحاك: تخاصم أهل الأديان: اليهود والنصارى والمسلمون فأنزل الله { لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ } الآية. وقال مجاهد: عنى بذلك أهل الشرك من عبدة الأوثان، قالوا: لن نبعث ولن نعذب، وقالت اليهود والنصارى{ لَن يَدْخُلَ ٱلْجَنَّةَ إِلاَّ مَن كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَىٰ } [البقرة: 111]. فأنزل الله { لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ } يعني المشركين في قولهم: لن نبعث ولن نعذب. { وَلاۤ أَمَانِيِّ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ } يعني قولهم لن يدخل الجنة إلا من كان هوداً أو نصارى { مَن يَعْمَلْ سُوۤءًا يُجْزَ بِهِ } خلافاً لمن أدعى الجميع. والمعنى: ليس الكائن من أمركم بما تتمنون يا أهل الشرك ولا بما يتمنى أهل الكتاب، وهم اليهود والنصارى بل { مَن يَعْمَلْ سُوۤءًا يُجْزَ بِهِ }. وقيل: التقدير: ليس ثواب الله بأمانيكم لأنه قد جرى ذكر ذلك في قوله: { وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ } الآية { وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيراً } أي: مقدار النقير وهو النقطة في ظهر النواة وهي منبت النخلة. وقالت عائشة رضي الله عنها في قوله: { مَن يَعْمَلْ سُوۤءًا يُجْزَ بِهِ } ذلك ما يصيبهم في الدنيا، وقاله مجاهد وغيره. وقال الحسن: { مَن يَعْمَلْ سُوۤءًا يُجْزَ بِهِ } الكافر وقرأ{ وَهَلْ نُجَٰزِيۤ إِلاَّ ٱلْكَفُورَ } [سبأ: 17]، وقال في قوله{ لِيَجْزِيَ ٱلَّذِينَ أَسَاءُواْ بِمَا عَمِلُواْ } [النجم: 31]: " هِمُ الكُفَّارَ "{ وَيِجْزِيَ ٱلَّذِينَ أَحْسَنُواْ بِٱلْحُسْنَى } [النجم: 31] قال: كانت والله لهم ذنوب، ولكنه غفرها لهم، ولم يجازهم بها. وقال ابن زيد: يعني المشركين يريد بالآية قال: وعد الله المؤمنين أن يكفر عنهم سيئاتهم. وقال الضحاك: { مَن يَعْمَلْ سُوۤءًا يُجْزَ بِهِ } يعني بذلك اليهود والنصارى، والمجوس وكفار العرب. قوله: { وَلاَ يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً }. وروي أن هذه الآية لما نزلت قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: " يا رسول الله: وإن لمجزون بأعمالنا؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أما المؤمن فيجزى بها في الدنيا، وأما الكافر فيجزى بها يوم القيامة " ".