الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ لَّيْسَ بِأَمَـٰنِيِّكُمْ وَلاۤ أَمَانِيِّ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوۤءًا يُجْزَ بِهِ وَلاَ يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً } * { وَمَن يَعْمَلْ مِنَ ٱلصَّٰلِحَٰتِ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَـٰئِكَ يَدْخُلُونَ ٱلْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيراً }

قوله: { لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلاۤ أَمَانِيِّ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوۤءًا يُجْزَ بِهِ } الآية.

قال مسروق: تفاخر النصارى والمسلمون، فقال هؤلاء: نحن أفضل، وقال هؤلاء: نحن أفضل منكم.

فأنزل الله عز وجل: { لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلاۤ أَمَانِيِّ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ } الآية.

ثم أفلح الله تعالى حجة المؤمنين فقال: { وَمَن يَعْمَلْ مِنَ ٱلصَّٰلِحَٰتِ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَـٰئِكَ يَدْخُلُونَ ٱلْجَنَّةَ } ثم زاد في الفضل فقال: { وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله وَهُوَ مُحْسِنٌ } الآية.

وقال قتادة: تفاخر المسلمون وأهل الكتاب، فقال أهل الكتاب: نبينا قبل نبيكم، وكتابنا قبل كتابكم، ونحن أحق بالله منكم، وقال المسلمون: نبينا خاتم النبيين، وكتابنا يقضي على الكتب التي كانت قبله، فأنزل الله { لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ } الآية.

أي: ليس ذلك الذي قلتم بأمانيكم ففي ليس اسمها في جميع هذه الأقوال.

{ مَن يَعْمَلْ سُوۤءًا } ابتداء شرط، وجوابه خبره وهو: { يُجْزَ بِهِ }.

وقال الضحاك: تخاصم أهل الأديان: اليهود والنصارى والمسلمون فأنزل الله { لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ } الآية.

وقال مجاهد: عنى بذلك أهل الشرك من عبدة الأوثان، قالوا: لن نبعث ولن نعذب، وقالت اليهود والنصارىلَن يَدْخُلَ ٱلْجَنَّةَ إِلاَّ مَن كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَىٰ } [البقرة: 111].

فأنزل الله { لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ } يعني المشركين في قولهم: لن نبعث ولن نعذب.

{ وَلاۤ أَمَانِيِّ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ } يعني قولهم لن يدخل الجنة إلا من كان هوداً أو نصارى { مَن يَعْمَلْ سُوۤءًا يُجْزَ بِهِ } خلافاً لمن أدعى الجميع.

والمعنى: ليس الكائن من أمركم بما تتمنون يا أهل الشرك ولا بما يتمنى أهل الكتاب، وهم اليهود والنصارى بل { مَن يَعْمَلْ سُوۤءًا يُجْزَ بِهِ }.

وقيل: التقدير: ليس ثواب الله بأمانيكم لأنه قد جرى ذكر ذلك في قوله: { وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ } الآية { وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيراً } أي: مقدار النقير وهو النقطة في ظهر النواة وهي منبت النخلة.

وقالت عائشة رضي الله عنها في قوله: { مَن يَعْمَلْ سُوۤءًا يُجْزَ بِهِ } ذلك ما يصيبهم في الدنيا، وقاله مجاهد وغيره.

وقال الحسن: { مَن يَعْمَلْ سُوۤءًا يُجْزَ بِهِ } الكافر وقرأوَهَلْ نُجَٰزِيۤ إِلاَّ ٱلْكَفُورَ } [سبأ: 17]، وقال في قولهلِيَجْزِيَ ٱلَّذِينَ أَسَاءُواْ بِمَا عَمِلُواْ } [النجم: 31]: " هِمُ الكُفَّارَ "وَيِجْزِيَ ٱلَّذِينَ أَحْسَنُواْ بِٱلْحُسْنَى } [النجم: 31] قال: كانت والله لهم ذنوب، ولكنه غفرها لهم، ولم يجازهم بها.

وقال ابن زيد: يعني المشركين يريد بالآية قال: وعد الله المؤمنين أن يكفر عنهم سيئاتهم.

وقال الضحاك: { مَن يَعْمَلْ سُوۤءًا يُجْزَ بِهِ } يعني بذلك اليهود والنصارى، والمجوس وكفار العرب.

قوله: { وَلاَ يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً }.

وروي أن هذه الآية لما نزلت قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: " يا رسول الله: وإن لمجزون بأعمالنا؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أما المؤمن فيجزى بها في الدنيا، وأما الكافر فيجزى بها يوم القيامة " ".


السابقالتالي
2