الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ يُوصِيكُمُ ٱللَّهُ فِيۤ أَوْلَٰدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ ٱلأُنْثَيَيْنِ فَإِن كُنَّ نِسَآءً فَوْقَ ٱثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا ٱلنِّصْفُ وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا ٱلسُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِن لَّمْ يَكُنْ لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ ٱلثُّلُثُ فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ ٱلسُّدُسُ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَآ أَوْ دَيْنٍ آبَآؤُكُمْ وَأَبناؤُكُمْ لاَ تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً فَرِيضَةً مِّنَ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً }

قوله: { يُوصِيكُمُ ٱللَّهُ فِيۤ أَوْلَٰدِكُمْ لِلذَّكَرِ } الآية.

ومعنى قوله { إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً } معناه: لم يزل كذلك، كأن القوم عاينوا حكمة وعلماً، فأعلمهم الله أنه لم يزل كذلك هذا مذهب سيبويه. وقال المبرد: ليس في قوله: (كان) دليل على نفي أنه كان ذلك في الحال وفي الاستقبال.

وفيها قول ثالث وهو: أن كان يخبر بها عن الحال كما قال:كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي ٱلْمَهْدِ صَبِيّاً } [مريم: 29]، وقول رابع: أن الإخبار من الله عز وجل في الماضي والمستقبل واحد لأنه عنه معلوم.

ومعنى { يُوصِيكُمُ } يفرض عليكم فلفظه لفظ الخبر، ومعناه الإلزام كما قال:- [ " ذلكم وصاكم به أي فرضه عليكم ". وقيل معناه: يعهد إليكم إذا مات منكم ميت وخلف] أولاداً أن يقسم عليهم على كذا وكذا.

وقوله: { لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ ٱلأُنْثَيَيْنِ } وما بعده هو تفسير ما وصاهم به، بين الله للنبي صلى الله عليه وسلم وأمته الواجب في مواريث من مات منهم في هذه السورة ونسخ به ما كان عليه أهل الجاهلية من توريث الأولاد المقاتلة دون الصغار وتوريث الذكور دون الإناث.

وقال مجاهد وغيره كانت الوصية للوالدين والأقربين، فنسخ الله تعالى بما أحب وفرض هذه السورة ما قد نص عليه.

وروي أن هذه الآية نزلت لما استشهد سعد بن الربيع يوم أحد، وترك بنتين وامرأة، وأباه الربيع، فأخذ أبوه جميع ما ترك على ما كانوا عليه في الجاهلية، فأتت امرأة سعد النبي صلى الله عليه وسلم فشكت ذلك إليه مرتين وهي تبكي، وتذكر فقر بنيها، وأنه لا أحد يرغب فيهما لفقرهما، فنزلت آية المواريث { يُوصِيكُمُ ٱللَّهُ فِيۤ أَوْلَٰدِكُمْ }.

قال أبو محمد: وقد كان هذا في علم الله عز وجل أنه سيفرضه علينا، ويجعل لإنزاله علينا سبباً، وكذلك جميع ما أنزله علينا من الفرائض وغيرها، قد تقدم علمه بذلك لا إله إلا هو.

قوله: { فَإِن كُنَّ نِسَآءً } أي فإن كان المتروكات نساء.

وقوله: { فَوْقَ ٱثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ } (فرض الله تعالى لما فوق الاثنين من النساء: الثلثين، وليس للاثنين فرض مسمى، فقال قوم " فوق " هاهنا زائدة والمعنى فإن كان المتروكات نساء اثنتين فلهن ثلثاً ما ترك) كما قال:فَٱضْرِبُواْ فَوْقَ ٱلأَعْنَاقِ } [الأنفال: 12] فيكون على هذا القول لا فرض لما فوق الاثنتين، والقول فيها إن فرض الاثنتين غير منصوص عليه لكن يعطين بالإجماع بدليل النص (الثلثين).

والدليل: هو أن الله تعالى جعل فرض الاثنين من الأخوات: الثلثين بالنص، والابنتان أمس قرابة، وأقرب من الأختين، فوجب ألا ينقص عن فرض الأختين، وأيضاً فإن الله تعالى جعل [فرض] الأختين للأم كفرض ما فوق ذلك، (فكذلك يجب أن يكون فرض الابنتين كفرض [الأختين] فما فوق).

السابقالتالي
2 3