الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ وَنُفِخَ فِي ٱلصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَن فِي ٱلأَرْضِ إِلاَّ مَن شَآءَ ٱللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَىٰ فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنظُرُونَ } * { وَأَشْرَقَتِ ٱلأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ ٱلْكِتَابُ وَجِـيءَ بِٱلنَّبِيِّيْنَ وَٱلشُّهَدَآءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِٱلْحَقِّ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ } * { وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ }

قوله تعالى ذكره { وَنُفِخَ فِي ٱلصُّورِ فَصَعِقَ } - إلى قوله - { وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ } ، أي: ونفخ إسرافيل في القرن فمات من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله. وهذه هي النفخة الثانية.

وقيل: الصور جمع صورة.

فالمعنى: ونفخ إسرافيل في صورة بني آدم فماتوا. والأول أكثر.

وقوله: { إِلاَّ مَن شَآءَ ٱللَّهُ }. قال السدي وغيره: هو جبريل وميكائيل وملك الموت.

وكذلك روى أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم: " لا يموتون في هذه النفخة (صلوات الله عليهم) ثم يموتون بعد ذلك، فلا يبقى إلا الله الحيّ القيوم، ثم يحيي الله تعالى إسرافيل عليه السلام ويأمره أن ينفخ في القرن لإحياء الخلق بإذن الله عز وجل. والله المميت للخلق بالنفخة التي هي نفخة الصعق وهو المحيي للخلق بالنفخة التي هي نفخة الأحياء ".

قال ابن جبير: عنى بذلك (شهداءهم) حول العرش (متقلدو السيوف).

وقيل: استثناء الشهداء، إنما هو في [نفخة الفزع. وهي الأولى.

وروى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ينفخ في الصور ثلاث نفخات]: النفخة الأولى، نفخة الفزع، والثانية: نفخة الصعق، والثالثة: نفخة القيام لرب العالمين، يأمر الله جل ذكره إسرافيل بالنفخة الأولى فيقول: انفخ نفخة الفزع، فيفزع أهل السماوات وأهل الأرض إلا من شاء الله، فقال أبو هريرة: يا رسول الله، فمن استثنى حين يقول: { فَفَزِعَ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَن فِي ٱلأَرْضِ إِلاَّ مَن شَآءَ ٱللَّهُ }؟

قال: أولئك الشهداء. (وإن ما يصير) الفزع إلى الأحياء. أولئك أحياء عند ربهم يرزقون (ووقاهم الله) فزع ذلك اليوم وأمنهم.

ثم يأمر الله عز وجل إسرافيل بنفخة الصعق فيقول: نفخة الصعق، فيصعق أهل السماوات وأهل الأرض إلا من شاء الله فإذا هم خامدون.

ثم يأتي ملك الموت إلى الجبار فيقول: يا رب، قد مات أهل السماوات وأهل الأرض إلا من شئت، فيقول له وهو أعلم: من بقي؟ فيقول بقيت أنت الحي الذي لا تموت، وبقي حملة عرشك، وبقي جبريل وميكائيل وإسرافيل.

(وينظر الله العرش، فيقول: يا رب، تميت جبريل وميكائيل وإسرافيل!).

فيقول له جل وعز: اسكت، إني كتبت الموت على من كان تحت عرشي.

ثم يأتي ملك الموت فيقول: رب، مات جبريل وميكائيل فيقول الله عز وجل وهو أعلم: فمن بقي؟ فيقول: بقيت أنت الحي الذي (لا تموت وبقي) حملة عرشك وبقيت أنا، فيقول له: فليمت حملة عرشي، فيموتون، ويأمر الله عز وجل العرش فيقبض الصور.

ثم يأتي ملك الموت، فيقول: يا رب، قد مات حملة عرشك، فيقول: ومن بقي؟ - وهو أعلم - فيقول: بقيت أنت الحي الذي لا يموت وبقيت أنا، فيقول: أنت خلق من خلقي خُلِقْتَ لما رأيت فمَتْ، فيموت ".


السابقالتالي
2 3