قوله تعالى ذكره: { وَإِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ وَحْدَهُ ٱشْمَأَزَّتْ } - إلى قوله - { وَكُنتَ مِنَ ٱلْكَافِرِينَ } ، أي: إذا أفرد الله عز وجل بالعبادة والذكر فقيل: لا إله إلا الله نفرت وانقبضت قلوب الذين لا يؤمنون بالبعث. { وَإِذَا ذُكِرَ ٱلَّذِينَ مِن دُونِهِ } ، يعني: الأصنام. { إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ } ، أي: يفرحون. عنى بذلك ما ألقى الشيطان على لسان النبي صلى الله عليه وسلم في سورة " والنجم " إذ قرأ: تلك الغرانيق العلى وإن شفاعتهم لترتجى. قال قتادة: " اشمأزت، أي: كفرت واستكبرت ". وقال مجاهد: اشمأزت انقبضت وهو قول المبرد. وقال مجاهد: وذلك يوم قرأ عليهم " والنجم " عند باب الكعبة. وقال السدي: اشمأزت: نفرت، وهو قول أبي عبيدة. ثم قال تعالى: { قُلِ ٱللَّهُمَّ فَاطِرَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ عَالِمَ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَادَةِ } ، أي: قل يا محمد: يالله، يا خالق السماوات والأرض، يا عالم ما غاب وما ظهر. { أَنتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ } ، أي: تفصل بينهم يوم القيامة فيما اختلفوا فيه من تقبضهم عند توحيدك، واستبشارهم عند ذكر الأوثان وفي غير ذلك. ثم قال تعالى: { وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ } ، أي: كفروا بالله عز وجل، { مَا فِي ٱلأَرْضِ جَمِيعاً } يعني: يوم القيامة. { وَمِثْلَهُ مَعَهُ } لفدو به أنفسهم لو قُبِل ذلك منهم، فكيف وهم لا يكون لهم شيء من ذلك يوم القيامة، ولو كان لهم لم يقبل منهم. ثم قال: { وَبَدَا لَهُمْ مِّنَ ٱللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُواْ يَحْتَسِبُونَ } ، (أي: وظهر لهؤلاء الكفار يوم القيامة من عذاب الله ما لم يكونوا يحتسبون) انه أعده لهم. وقال مجاهد: معناه: أنهم عملوا / أعمالاً توهموا (أنها حسنات، فإذا هي سيئات. وقيل: معناه: أنهم " عملوا أعمالاً توهموا) أنهم يتوبون قبل الموت منها فأدركهم الموت قبل أن يتوبوا، وقد كانوا ظنوا أنهم ينجون بالتوبة ". وقيل: معناه أنهم توهموا أنهم يغفر لهم من غير توبة فبدا لهم من الله دخول النار على ما قدموا. وقيل: معناه أنهم عملوا أعمالاً توهموا أنها تنفعهم فأحبطها الشرك. قال محمد بن المنكدر: وعملوا أعمالاً كانوا يظنون أنها تنجيهم (فإذا بها) قد أهلكتهم وأوبقتهم. ثم قال: { وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَـسَبُواْ } ، أي: وبدا لهم عقاب سيئات أعمالهم. وقيل: المعنى: وظهر ذكر سيئات عملهم في كتبهم إذا أُعْطُوْهَا بشمائلهم. ثم قال تعالى: { وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ } ، أي: وجب عليهم العذاب الذي كانوا في الدنيا يستهزءون به إذا ذكر لهم، وخوفوا به تكذيباً له وإنكاراً. ثم قال: { فَإِذَا مَسَّ ٱلإِنسَانَ ضُرٌّ دَعَانَا } ، أي: إذا أصابه بؤس وشدة دعا الله مستغيثاً به، فإذا خوّله نعمة منه وفرج عنه { قَالَ إِنَّمَآ أُوتِيتُهُ عَلَىٰ عِلْمٍ } ، أي: قال: إنما الرخاء والسعة في المعيشة والصحة في البدن على علم من الله بأني له أهل ومستحق لشرفي، ورضاه بعملي.