الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ أَفَمَن شَرَحَ ٱللَّهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ فَهُوَ عَلَىٰ نُورٍ مِّن رَّبِّهِ فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِّن ذِكْرِ ٱللَّهِ أُوْلَـٰئِكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } * { ٱللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ ٱلْحَدِيثِ كِتَاباً مُّتَشَابِهاً مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ ٱلَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَىٰ ذِكْرِ ٱللَّهِ ذَلِكَ هُدَى ٱللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَآءُ وَمَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ } * { أَفَمَن يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوۤءَ ٱلْعَذَابِ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ وَقِيلَ لِلظَّالِمِينَ ذُوقُواْ مَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ } * { كَذَّبَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَأَتَاهُمُ ٱلْعَـذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ } * { فَأَذَاقَهُمُ ٱللَّهُ ٱلْخِزْيَ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَلَعَذَابُ ٱلآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ } * { وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَـٰذَا ٱلْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } * { قُرْآناً عَرَبِيّاً غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ }

قوله تعالى ذكره: { أَفَمَن شَرَحَ ٱللَّهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ } - إلى قوله - { لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ }.

في هذه الآية حذف واختصار لدلالة الكلام عليه على مذاهب العرب.

والتقدير: أفمن شرح الله صدره فاهتدى، كمن طبع على قلبه فلم يهتد لقسوته. ثم بيّن ذلك بقوله: { فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِّن ذِكْرِ ٱللَّهِ } ، أي: عن ذكر الله عز وجل فلا يثبت ذكر الله سبحانه فيها.

وقيل: الجواب والخبر: { أُوْلَـٰئِكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ }.

وقوله: { فَهُوَ عَلَىٰ نُورٍ مِّن رَّبِّهِ } معناه: على بصيرة ويقين من توحيد ربه.

ويروى أن قوله: { أَفَمَن شَرَحَ ٱللَّهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ فَهُوَ عَلَىٰ نُورٍ مِّن رَّبِّهِ } نزلت في حمزة وعليّ رضي الله عنهما.

وقوله: { فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِّن ذِكْرِ ٱللَّهِ } نزلت في أبي لهب وولده قال قتادة: { فَهُوَ عَلَىٰ نُورٍ مِّن رَّبِّهِ } ، يعني به: كتاب الله عز وجل، المؤمن به يأخذ وإليه ينتهي.

" وروي أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قالو له: " أَوَ يَنْشَرِحُ القَلْبُ "!؟

قال: نَعَمْ. إذاَ أَدْخَلَ الله فِيهِ النُّورَ انْشَرَحَ وَانْفَسَحَ.

قالوا: فَهَلْ لِذَلِكَ مِنْ عَلاَمَةٍ تُعْرَف؟

قال: نَعَمْ، التَّجَافي عَنْ دَارِ الغُروُرِ، وَالإِنَابَةِ إِلَى دَارِ الخُلُودِ وَالاسْتِعْدَادِ لِلْمَوْتِ قَبْلَ المَوْتِ ".

قال المبرد، يقال: (قسا وعتا) إذا صلب، وقلب قاس لا يلين ولا يرق.

فالمعنى: فويل للذين جَفَتْ قلوبهم عن قبول ذكر الله عز وجل وهو القرآن فلم يؤمنوا به ولا صدّقوه.

قال الطبري: " مِنْ " هنا، بمعنى: " عن " ، أي: عن ذكر الله.

فيكون المعنى: غلظت قلوبهم وصلبت عن قبول ذكر الله.

وقيل: " من " على بابها.

والمعنى: كلما تلي عليهم من ذكر الله قست قلوبهم.

ثم بين حالهم فقال: { أُوْلَـٰئِكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } ، أي: في ضلال عن الحق ظاهر.

ومن جعل جواب: { أَفَمَن شَرَحَ } محذوفاً وقف على { نُورٍ مِّن رَّبِّهِ }.

ومن جعل الجواب: { أُوْلَـٰئِكَ فِي ضَلاَلٍ } لم يقف عليه.

ثم قال: { ٱللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ ٱلْحَدِيثِ كِتَاباً مُّتَشَابِهاً مَّثَانِيَ } ، أي: يشبه بعضه بعضاً لا اختلاف فيه ولا تضاد، هذا قول قتادة والسدي.

وقال ابن جبير: يشبه بعضه بعضاً ويصدق بعضه بعضاً ويدل بعضه على بعض.

وقوله: { مَّثَانِيَ } معناه: ثنى فيه الأخبار والقصص والأحكام والحجج.

وقال الحسن وعكرمة: " ثنى الله عز وجل فيه القضاء ".

وقال قتادة: ثنى الله فيه ذكر الفرائض والقضاء والحدود.

وقال ابن عباس: ثنى الله عز وجل (الأمر فيه) مراراً.

وقيل: مثاني: ثنى فيه ذكر العقاب والثواب والقصص.

السابقالتالي
2 3