الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذَا مَسَّ ٱلإِنسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيباً إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِّنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُوۤ إِلَيْهِ مِن قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَندَاداً لِّيُضِلَّ عَن سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلاً إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ ٱلنَّارِ } * { أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَآءَ ٱلَّيلِ سَاجِداً وَقَآئِماً يَحْذَرُ ٱلآخِرَةَ وَيَرْجُواْ رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي ٱلَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَٱلَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ ٱلأَلْبَابِ } * { قُلْ يٰعِبَادِ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُواْ فِي هَـٰذِهِ ٱلدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ ٱللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى ٱلصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ } * { قُلْ إِنِّيۤ أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ ٱللَّهَ مُخْلِصاً لَّهُ ٱلدِّينَ } * { وَأُمِرْتُ لأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ ٱلْمُسْلِمِينَ } * { قُلْ إِنِّيۤ أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ }

قوله تعالى: { وَإِذَا مَسَّ ٱلإِنسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ } - إلى قوله - { عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ }.

أي: إذا مس الإنسان ضرّ في بدنه أو شدة أو ضيق استغاث بربه الذي خلقه في كَشْفِ ما نَزَلَ به، تائباً إليه مما كان عليه قبل ذلك من الكفر والشرك. قال قتادة: منيباً إليه: مخلصاً.

وقوله { ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِّنْهُ } ، أي: أعطاه عافية وفرجاً مما نزل به.

يقال لمن أعطي غيره عطية: قد خوّله كذا وكذا.

وقوله: { نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُوۤ إِلَيْهِ مِن قَبْلُ } ، أي: ترك دعاءه الذي كان يدعو إلى الله من قبل أن يكشف ما كان به، و " ما " والفعل مصدر، والمعنى: ترك كون الدعاء منه إلى الله عز وجل. ومن جعلها بمعنى " الذي " جعل " ما " لمن يعقل فيكون لله سبحانه.

والمعنى: ترك ما كان يدعو الله من قَبْلِ كَشْفِ الضُّرّ عنه.

ثم قال تعالى: { وَجَعَلَ لِلَّهِ أَندَاداً } ، أي: شركاء. قال السدي: هذا كله في الكافر خاصة.

قال السدي: الأنداد هنا من الرجال يطيعونهم في معاصي الله جلّ ذكره. وقيل: الأنداد: الأوثان.

ثم قال: { لِّيُضِلَّ عَن سَبِيلِهِ } من ضم الياء، فمعناه: فعل ذلك ليزيل الناس عن توحيد الله سبحانه والإقرار به والدخول في دينه، ومن فتح الياء، فمعناه: ليَضِلَّ في نفسه عن دين الله سبحانه.

والتقدير: إنه لما كان أمره لعبادة الأوثان يؤول إلى الضلال كان كأنه إنما فعل ذلك ليصير ضالاً. وقد تقدم شرح هذا بأبين من هذا.

ثم قال تعالى: { قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلاً إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ ٱلنَّارِ } ، أي: قل يا محمد لهذا الكافر (لنعم الله) تمتع بكفرك إلى أن تستوفيَ أجلك إنك في الآخرة من الماكثين في النار.

وهذا لفظ معناه التهدد والوعيد، مثل قوله:فَمَن شَآءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَآءَ فَلْيَكْفُرْ } [الكهف: 29].

ثم قال: { أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَآءَ ٱلَّيلِ سَاجِداً وَقَآئِماً } من خفف " من " جعله نداء أو رفعه بالإبتداء، ويكون الخبر محذوفاً. والتقدير: أهذا أفضل (أومن) جعل لله أنداداً.

ومن شدد فـ " من " في موضع رفع بالابتداء والخبر محذوف على ما قدمنا في التخفيف.

وقيل التقدير: أهذا المذكور أفضل أم من هو قانت لأنه ذكر من جعل لله أنداداً ليضل عن سبيله.

ثم قال: { أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ } ، أي: أهذا المذكور أفضل أم من هو قانت؟ ودل على ذلك قوله:قُلْ هَلْ يَسْتَوِي ٱلَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَٱلَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ } [الزمر: 9].

وقيل: " أم " بمعنى / الألف، كأنه قال: أمن هو قانت، ويكون الجواب مضمراً بعده كأنه قال: أم من هو قانت كمن مضت صفته من الكفار.

السابقالتالي
2 3