الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لإِبْرَاهِيمَ } * { إِذْ جَآءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ } * { إِذْ قَالَ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَاذَا تَعْبُدُونَ } * { أَإِفْكاً آلِهَةً دُونَ ٱللَّهِ تُرِيدُونَ } * { فَمَا ظَنُّكُم بِرَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } * { فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي ٱلنُّجُومِ } * { فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ } * { فَتَوَلَّوْاْ عَنْهُ مُدْبِرِينَ } * { فَرَاغَ إِلَىٰ آلِهَتِهِمْ فَقَالَ أَلا تَأْكُلُونَ } * { مَا لَكُمْ لاَ تَنطِقُونَ } * { فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْباً بِٱلْيَمِينِ } * { فَأَقْبَلُوۤاْ إِلَيْهِ يَزِفُّونَ } * { قَالَ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ } * { وَٱللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ } * { قَالُواْ ٱبْنُواْ لَهُ بُنْيَاناً فَأَلْقُوهُ فِي ٱلْجَحِيمِ } * { فَأَرَادُواْ بِهِ كَيْداً فَجَعَلْنَاهُمُ ٱلأَسْفَلِينَ } * { وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَىٰ رَبِّي سَيَهْدِينِ } * { رَبِّ هَبْ لِي مِنَ ٱلصَّالِحِينَ } * { فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلاَمٍ حَلِيمٍ }

قوله (تعالى ذكره): { وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لإِبْرَاهِيمَ } إلى قوله: { بِغُلاَمٍ حَلِيمٍ }.

أي: وإن من تُبَّاع نوح وعلى منهاجه لإبراهيم.

قال ابن عباس: { مِن شِيعَتِهِ }: من أهل دينه.

وهو معنى قول قتادة ومجاهد.

فالهاء تعود على نوح.

وقال الفراء: الهاء لمحمد صلى الله عليه وسلم، أي: وإن من شيعة محمد لإبراهيم، وهو عنده مثل:وَآيَةٌ لَّهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ } [يس: 41] يعني ذرية من سبقهم.

ثم قال: { إِذْ جَآءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ }.

أي: من الشركة، قاله مجاهد وقتادة.

وقال عروة بن الزبير: لم يلعن شيئاً قط.

وقال ابن سيرين: القلب السليم الناصح لله في خلقه.

وقيل: / القلب السليم الذي يحب للناس ما يحبه لنفسه /، قد سلم جميع الناس من غشه وظلمه وأسلم لله بقلبه ولسانه ولا يعدل به غيره.

ثم قال: { إِذْ قَالَ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَاذَا تَعْبُدُونَ } أي: أَيّ شيء تعبدون.

{ أَإِفْكاً آلِهَةً دُونَ ٱللَّهِ تُرِيدُونَ } أي: أكذباً معبوداً غير الله تعبدون، والإفك منصوب بـ " تريدون " ، و " آلهة " بدل منه.

قال المبرد: (الإفك) أسوأ الكذب.

ثم قال: { فَمَا ظَنُّكُم بِرَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } أي: أَيّ شيء تظنون بربكم أيها القوم أنه يصنع بكم إن لقيتموه وقد عبدتم غيره، قاله قتادة.

ثم قال: { فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي ٱلنُّجُومِ }.

ذُكِرَ أن قوم إبراهيم صلى الله عليه وسلم كانوا أهل نجوم وكانوا يهربون من الطاعون، فطمع أن يتركوا بيت آلهتهم ويخرجوا فيخالفهم إليها فيكسرها، فرأى نجماً قد طلع فعصب رأسه (وقال إني مطعون).

قال ابن عباس: قالوا له وهو في بيت آلهتهم: اخرج معنا، فقال: إني مطعون، وتركوه مخافة الطاعون.

وقال الضحاك: تركوه لما قال إني مطعون مخافة أن يعديهم.

وقال ابن زيد: أرسل إليه ملكهم أن غداً عيدنا فاحضر معنا. قال: فنظر نظرة إلى النجوم، فقال: إن ذلك النجم لم يطلع قط إلا طلع بسقم لي، فقال: إني سقيم.

قال ابن عباس: " سقيم ": مريض.

وقال الحسن: " فنظر نظرة في النجوم ". أي: فكر فيما يعمل إذا كلفوه الخروج، فالمعنى على هذا القول: فنظر نظرة فيما نجح له من الرأي، أي: فيما طلع له. يقال نَجَمَ القول والنَّبْتُ إذا طلعا. أي: فكر فعلم أنه لا بد لكل حي أن يسقم، فقال: إني سقيم.

قال الخليل: يقال للرجل إذا فكر في الشيء كيف يدبره: نظر في النجوم.

وقيل: المعنى: فنظر فيما نجم من الأشياء، أي: طلع منها، فعلم أن لها خلقاً ومدبراً، (وعلم) أنها تتغير، وعلم أن ذلك يلحقه، فقال: إني سقيم.

فتكون النجوم في هذين القولين مصدراً. (و) على القول الأول جمع نجم.

السابقالتالي
2 3