الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِّن مَّعِينٍ } * { بَيْضَآءَ لَذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ } * { لاَ فِيهَا غَوْلٌ وَلاَ هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ } * { وَعِندَهُمْ قَاصِرَاتُ ٱلطَّرْفِ عِينٌ } * { كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ } * { فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ يَتَسَآءَلُونَ } * { قَالَ قَآئِلٌ مِّنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ } * { يَقُولُ أَءِنَّكَ لَمِنَ ٱلْمُصَدِّقِينَ } * { أَءِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَءِنَّا لَمَدِينُونَ } * { قَالَ هَلْ أَنتُمْ مُّطَّلِعُونَ } * { فَٱطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَآءِ ٱلْجَحِيمِ } * { قَالَ تَٱللَّهِ إِن كِدتَّ لَتُرْدِينِ } * { وَلَوْلاَ نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنتُ مِنَ ٱلْمُحْضَرِينَ }

قوله (تعالى ذكره): { يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِّن مَّعِينٍ } إلى قوله: { مِنَ ٱلْمُحْضَرِينَ }.

أي: يطوف عليهم الخدم بكأس من خمر جارية، قاله قتادة وغيره. وحكى أهل اللغة أن العرب تقول للقدح إذا كان فيه خمر: كأس، فإذا لم يكن فيه خمر فهو قدح.

وقال بعضهم: كل إناء فيه شراب فهو كأس، فإذا لم يكن فيه شراب فهو إناء. كذلك الخِوَانُ إذا كان عليه طعام قيل له مائدة، فإذا لم يكن عليه طعام قيل له خوان. ومثله الهودج يقال له: ظعينه، إذا كانت فيه امرأة، فإذا لم تكن / فيه قيل له هودج.

قال الضحاك: / كل كأس في القرآن فهو خمر.

وهو قول السدي.

وقال ابن عباس: هو الخمر.

وقال مجاهد: هي خمر بيضاء.

قال الزجاج: " من معين " أي: تجري كما تجري العيون على وجه الأرض.

وقوله: { بَيْضَآءَ }: يعني به الكأس، وهو مؤنثة، { لَذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ } أي: ذات لذة، والمعنى: يلتذ بها شاربها.

ثم قال (تعالى ذكره): { لاَ فِيهَا غَوْلٌ } أي: لا تغتال هذه الخمر عقل شاربها كما تفعل خمر الدنيا.

وقال ابن عباس: " لا فيها غول " (أي): ليس في الخمر صداع. وعنه: ليس فيها وجع بطن. وكذلك قال مجاهد.

وقال ابن زيد: ليس فيها وجع البطون، وشارب الخمر يشتكي بطنه.

وقال السدي: لا تغتال عقولهم.

وقال ابن جبير: لا فيها أذى ولا مكروه.

وقيل معناه: لا فيها إثم.

وذكر الليث: أن ابن عباس أشكل عليه تفسير الغَوْل حتى سمع إعرابياً يقول لصاحبه: إني لأجِدُ في بطني غَوْلاً فقال ابن عباس: جاءت والله (الغَوْل): الوجع يجده في بطنه.

ثم قال (تعالى): { هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ } من فتح الزاي فمعناه لا تذهب عقولهم. قاله ابن عباس ومجاهد والسدي.

وقال قتادة: لا تغلبهم على عقولهم. تقول العرب: نُزِفَ الرَّجُلُ فهو مَنْزُوف إذا ذهب عقله، (ونزف دم فلان إذا ذهب). فنفى الله جل ذكره عن خمر الجنة الآفات من الصداع والسكر اللذين يحدثان من خمر الدنيا.

فأمّا من قرأ بكسر الزاي، فمعناه: لا يفنى شرابهم. يقال أَنْزَف الرجل إذا نفد شرابه.

وحكى الفراء: أنزف الرجل إذا نفد شرابه، وأَنْزَفَ إذا ذهب عقله. فيكون على هذا القول الأخير كقراءة من فتح الزاي.

ثم قال (تعالى ذكره): { وَعِندَهُمْ قَاصِرَاتُ ٱلطَّرْفِ عِينٌ } أي: وعندهم حور قصرن طرفهن على الأزواج فلا يبغين غيرهم، قاله ابن عباس ومجاهد ومحمد بن كعب القرظي.

قال عكرمة: " قاصرات الطرف " أي: محبوسات على أزواجهن.

وقال ابن زيد: " قاصرات الطرف " (لا ينظرن إلا) إلى أزواجهن، ليس كما يكون نساء أهل الدنيا.

السابقالتالي
2 3