الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلصَّافَّاتِ صَفَّا } * { فَٱلزَّاجِرَاتِ زَجْراً } * { فَٱلتَّٰلِيَٰتِ ذِكْراً } * { إِنَّ إِلَـٰهَكُمْ لَوَاحِدٌ } * { رَّبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَرَبُّ ٱلْمَشَارِقِ } * { إِنَّا زَيَّنَّا ٱلسَّمَآءَ ٱلدُّنْيَا بِزِينَةٍ ٱلْكَوَاكِبِ } * { وَحِفْظاً مِّن كُلِّ شَيْطَانٍ مَّارِدٍ } * { لاَّ يَسَّمَّعُونَ إِلَىٰ ٱلْمَلإِ ٱلأَعْلَىٰ وَيُقْذَفُونَ مِن كُلِّ جَانِبٍ } * { دُحُوراً وَلَهُمْ عَذابٌ وَاصِبٌ } * { إِلاَّ مَنْ خَطِفَ ٱلْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ } * { فَٱسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَم مَّنْ خَلَقْنَآ إِنَّا خَلَقْنَاهُم مِّن طِينٍ لاَّزِبٍ } * { بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ }

قوله (تعالى ذكره): { وَٱلصَّافَّاتِ صَفَّا } الى قوله: { (بَلْ عَجِبْتَ) وَيَسْخَرُونَ }. أي: ورب الصافات، وهي الملائكة بإجماع. وهو جمع صافة، كأنها جماعات مصطفة لذكر الله وتسبيحه.

قال ابن عباس: الملائكة صفوف، لا يعرف كل منهم مَنْ إلى جانبه لم يلتفت منذ خلقه الله. يسبحون ويهللون ويحمدون الله (ويمجدونه).

والزاجرات: جمع زاجرة، أي: تزجر عن معاصي الله، وهي الملائكة، قال ذلك ابن مسعود والسدي.

وقيل: الزاجرات: الملائكة تزجر السحاب، تسوقه إلى المواضع التي يريد الله سقيها، قاله مجاهد والسدي أيضاً.

وقال قتادة: الزاجرات: ما زجر الله (عنه) في القرآن. فهي أي القرآن التي زجرنا الله بها.

قال قتادة: الزاجرات كل ما زجر عنه.

ثم قال (تعالى): { فَٱلتَّٰلِيَٰتِ ذِكْراً }.

يعني: الملائكة تتلو ذكر الله وكلامه، قاله مجاهد والسدي.

وقال قتادة: هو يُتْلَى عليكم في القرآن من أخبار الأمم قبلكم.

ثم قال: { إِنَّ إِلَـٰهَكُمْ لَوَاحِدٌ } أي: إن معبودكم واحد. وإن جواب القسم.

ثم قال: { رَّبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا } أي: مالك ذلك ومدبره.

{ وَرَبُّ ٱلْمَشَارِقِ } أي: ومَالِكُ مشارق الشمس، ومدبرها في الشتاء والصيف، وحذف ذكر المغارب لدلالة الكلام عليه لأن ذكر المشارق يدل على أن ثم مغارب.

قال السدي: المشارق ستون وثلاث مائة مشرق، والمغارب مثلها عدد أيام السنة.

قال ابن عباس: للشمس كل يوم مشرق، وكل يوم مغرب، فتلك المشارق والمغارب، وللصيف مشرق ومغرب، وللشتاء مشرق ومغرب، فذلك كقوله:رَبُّ ٱلْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ ٱلْمَغْرِبَيْنِ } [الرحمن: 17].

ثم قال تعالى: { إِنَّا زَيَّنَّا ٱلسَّمَآءَ ٱلدُّنْيَا بِزِينَةٍ ٱلْكَوَاكِبِ } من أضاف زينة فمعناه تتزين الكواكب، أي بحسنها. ومن نوّن زينة وخفض " الكواكب " ، جعل الكواكب بدلاً من زينة. ومن نون زينة ونصب " الكواكب " أعمل زينة في الكواكب، وإن شئت جعلت " الكواكب " بدلاً (من زينة) على الموضع.

وإن شئت نصبت على إضمار: أعني.

وقرئت بتنوين " زينة " ورفع " الكواكب " ، على تقدير بأن زينتها الكواكب.

ثم قال: { وَحِفْظاً مِّن كُلِّ شَيْطَانٍ مَّارِدٍ } أي: وحفظناها حِفْظاً. فحِفْظٌ نصب على المصدر.

وقال بعض الكوفيين: هو مفعول من أجله، والواو زائدة.

والتقدير عنده: إنا زينا السماء الدنيا حفظاً لها، أي للحفظ. ومعنى: { ٱلسَّمَآءَ ٱلدُّنْيَا } السماء التي تليكم، وهي أدنى إليكم من غيرها من السماوات، ودل ذلك على أن سائر السماوات ليس فيها من الكواكب ما في هذه السماء القريبة منا. والمارد: العاتي الخبيث.

ثم قال (تعالى): { لاَّ يَسَّمَّعُونَ إِلَىٰ ٱلْمَلإِ ٱلأَعْلَىٰ } أي: لا يميلون بسمعهم إلى ما تقول الملائكة (في) السماء للحفيظ الذي في السماء. تقول: سَمِعْتُ إليه يقول كذا، أي أملت بسمعي إليه.

قال ابن عباس: (هم) لا يسمعون وهم (لا) يتسمعون.

السابقالتالي
2 3