الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ فَلَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ مِنَ ٱلْمُسَبِّحِينَ } * { لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ } * { فَنَبَذْنَاهُ بِٱلْعَرَآءِ وَهُوَ سَقِيمٌ } * { وَأَنبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِّن يَقْطِينٍ } * { وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَىٰ مِئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ } * { فَآمَنُواْ فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَىٰ حِينٍ } * { فَٱسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ ٱلْبَنَاتُ وَلَهُمُ ٱلْبَنُونَ }

قوله (تعالى ذكره): { فَلَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ مِنَ ٱلْمُسَبِّحِينَ } إلى قوله: { أَلِرَبِّكَ ٱلْبَنَاتُ وَلَهُمُ ٱلْبَنُونَ }.

أي: لولا أنه كان من المصلين قبل البلاء والعقوبة للبث في بطن الحوت إلى يوم القيامة.

روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إِنَّ يُونُسَ حِينَ بَدَا لَهُ أَنْ يَدْعُو الله وَهُوَ فِيْ بَطْنِ الحُوتِ، قَال: اللَّهُمَّ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنّي كُنْتُ مِنَ الظَّالمِينَ. فَأَقْبَلَتِ الدَّعْوَةُ نَحْوَ العَرْشِ، فَقَالَتِ المَلاَئِكَةُ: يَا رَبِّ هَذَا صَوْتٌ ضَعِيفٌ مَعْرُوفٌ مِنْ بِلاَدٍ غَرِيْبَةٍ، فَقَالَ: أَمَا تَعْرِفُونَ ذَلِكَ؟ فَقَالُوا: يَا رَبِّ، وَمَنْ هُوَ؟ قَالَ: ذَلِكَ عَبْدِي يُونُسَ، قَالُوا: أَعَبْدُكَ يُونُسَ الذِي لِمْ يَزَلْ يُرْفَعُ لَهُ عَمَلٌ مُتَقَبَّلٌ وَدَعْوَةٌ مُجَابَةٌ! أَفَلاَ يَرْحَمُ بِمَا كَانَ يَصْنَعُ فِي الرَّخَاءِ فَتُنْجِيَهُ مِنَ البَلاَءِ؟ قَالَ: بَلَى، فَأَمَرَ الحُوتَ فََطَرَحَهُ بِالعَرَاءِ ".

قال ابن عباس وابن جبير والسدي: " من المسبحين ": من المصلين.

وكان الضحاك بن قيس يقول على منبره: اذكروه في الرخاء يذكركم في الشدة، إن يونس كان عبداً ذاكراً فلما أصابته الشدة دعا الله فذكره الله بما كان منه، ففرج عنه، وكان فرعون طاغياً باغياً فلما أدركه الغرق قال: آمنت، (الآن وكنت)، من المفسدين، فلم يسمع قوله.

قال الحسن: فَوَالله ما كانت إلا صلاة أحدثها في بطن الحوت.

قال ابن جبير: لما قال في بطن الحوت:لاَّ إِلَـٰهَ إِلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ ٱلظَّالِمِينَ } [الأنبياء: 87] قذفه الحوت.

قال قتادة في قوله: { لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ }: أي: لصار له بطن الحوت قبر إلى يوم القيامة.

قال السدي عن أبي مالك: لبث يونس في بطن الحوت أربعين يوماً.

ثم قال: { فَنَبَذْنَاهُ بِٱلْعَرَآءِ } أي: ألقاه الحوت في المكان الخالي، هذا قول أهل اللغة.

وقال ابن عباس: " بالعراء ": بالساحل.

وقال قتادة: بأرض ليس فيها شيء ولا نبات.

وقال السدي: " بالعراء ": بالأرض.

وقوله: { وَهُوَ سَقِيمٌ }.

قال السدي: كهيئة الصبي.

قال ابن عباس: لفظه الحوت بساحل البحر، فطرحه مثل الصبي المنفوس، لم ينقص من خلقه شيء.

قال ابن عباس: كانت رسالة يونس بعد أن ألقاه الحوت.

وقال ابن مسعود: أرسل قبل وبعد إلى قومه بأعيانهم الذين صرف عنهم العذاب، وهو قول مجاهد والحسن.

وروي عن ابن مسعود وغيره: أن يونس وعد قومه العذاب وأخبرهم أنه يأتيهم إلى ثلاثة أيام ففرقوا بين كل والدة وولدها، وخرجوا فجاروا إلى الله واستغفروه فكف عنهم العذاب. ولم يكف عنهم العذاب بعد معاينته، إنما رأوا مخايله وعلامات له ذكرهما لهم يونس صلى الله عليه وسلم، فآمنوا وتابوا وتضرعوا (إلى الله) قبل معاينة العذاب، ولو عاينوه لم ينفعهم الإيمان لأن من عاين العذاب نازلاً به سقط عنه حد التكليف، ولم يقبل منه الإيمان كفرعون لما آمن عند معاينة الغرق.

السابقالتالي
2 3