قوله (تعالى ذكره): { وَإِذَا ذُكِّرُواْ لاَ يَذْكُرُونَ * وَإِذَا رَأَوْاْ آيَةً يَسْتَسْخِرُونَ } إلى قوله { عَلَىٰ سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ }. أي: وإذا ذُكِّرَ هؤلاء / الكفار بالله وأياته وخُوِّفوا عذابه، لا يذكرون ولا يخافون، وإذا رأوا آية من آيات القرآن يهزؤون. ثم قال: { وَقَالُوۤاْ إِن هَـٰذَآ إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ } أي: وقال المشركون ما هذا الذي جئتنا به إلا سحر مبين لمن تأمله ورآه أنه سحر. ثم قال: { أَءِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَءِنَّا لَمَبْعُوثُونَ } أي: قالوا: أَنُبْعَث إذا كنا تراباً، وعظاماً في التراب. { أَوَ آبَآؤُنَا ٱلأَوَّلُونَ } أي: أَوَ يبعث آباؤنا الماضون، أَنْكَروا البعث فقال (الله) جل ذكره لنبيه. { قُلْ نَعَمْ وَأَنتُمْ دَاخِرُونَ } أي: قل يا محمد لهم: نعم تبعثون من قبوركم وأنتم صاغرون. ثم قال (تعالى): { فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ } أي: صيحة واحدة، وذلك هو النفخ في الصور. { فَإِذَا هُمْ يَنظُرُونَ } أي: شاخصة أبصارهم / ينظرون إلى ما كانوا يوعدونه من قيام الساعة. وقيل: " ينظرون " معناه: ينظر بعضهم بعضاً. وقيل: معناه ينتظرون ما يفعل بهم. ثم قال: { وَقَالُواْ يٰوَيْلَنَا هَـٰذَا يَوْمُ ٱلدِّينِ } أي: وقال هؤلاء المكذبون بالبعث لما عاينوا ما كانوا يوعدون: يا ويلنا هذا يوم الجزاء والحساب - وقد تقدم ذكر معنى الويل -، فقالت لهم الملائكة: { هَـٰذَا يَوْمُ ٱلْفَصْلِ ٱلَّذِي كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ } أي: يوم القضاء بين الخلق. والوقف على: " الدين " حسن لأن ما بعده من قول الملائكة لهم. وأجاز أبو حاتم أن نقف على " يا ويلنا " ، على أن يكون " هذا يوم الدين " وما بعده قول الملائكة لهم. ثم قال: { ٱحْشُرُواْ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ وَأَزْوَاجَهُمْ } أي: فيقال: اجمعوا الذين ظلموا في الدنيا وأشياعهم على الكفر بالله. { وَمَا كَانُواْ يَعْبُدُونَ } من دون الله من الأصنام والأوثان. قال ابن عباس: " وأزواجهم " نظراؤهم وأتباعهم في الظلم. وقال قتادة وأبو العالية: ( " وأزواجهم " ) أشياعهم، الكفار مع الكفار. وقال ابن زيد: " وأزواجهم " في الأعمال. وقال مجاهد: " وأزواجهم " أمثالهم. وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: الزاني مع الزاني، وشرب الخمر مع شارب الخمر، وصاحب السرقة مع صاحب السرقة. وقال أهل اللغة: أزواجهم قرناؤهم، (و) منه زوجت الرجل، (أي) قرنته بامرأة. ثم قال (تعالى): { فَٱهْدُوهُمْ إِلَىٰ صِرَاطِ ٱلْجَحِيمِ } أي: فأرشدوهم ودلوهم إلى طريق جهنم. والجحيم: الباب الرابع من أبواب النار. ثم قال (تعالى): { وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَّسْئُولُونَ } أي: واحبسوهم أيها الملائكة إنهم مسؤولون. روي عن ابن مسعود أنه قال: يقال لهم: هل يعجبكم ورود الماء؟ فيقولون: نعم، فيريهم جهنم وهي كهيئة السراب. وقيل: المعنى أنهم مسؤولون عما كانوا يعبدون من دون الله.