الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ وَآيَةٌ لَّهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي ٱلْفُلْكِ ٱلْمَشْحُونِ } * { وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِّن مِّثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ } * { وَإِن نَّشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلاَ صَرِيخَ لَهُمْ وَلاَ هُمْ يُنقَذُونَ } * { إِلاَّ رَحْمَةً مِّنَّا وَمَتَاعاً إِلَىٰ حِينٍ } * { وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱتَّقُواْ مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } * { وَمَا تَأْتِيهِم مِّنْ آيَةٍ مِّنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ إِلاَّ كَانُواْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ } * { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنفِقُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ ٱلله قَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَنُطْعِمُ مَن لَّوْ يَشَآءُ ٱللَّهُ أَطْعَمَهُ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } * { وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَذَا ٱلْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } * { مَا يَنظُرُونَ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ } * { فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلاَ إِلَىٰ أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ } * { وَنُفِخَ فِي ٱلصُّورِ فَإِذَا هُم مِّنَ ٱلأَجْدَاثِ إِلَىٰ رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ }

قوله (تعالى ذكره): { وَآيَةٌ لَّهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ (فِي ٱلْفُلْكِ) } إلى قوله: { إِلَىٰ رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ }.

أي: وآية لأهل مكة أنا حملنا ذريات نوح في الفلك المشحون، أي: الموقر. فالضميران على هذا مختلفان.

وقد قيل: إن المعنى: وآية لأهل مكة أنا حملنا أولادهم وضعفاءهم ومن لا يقدر على المشي في السفينة في البحر. فالضميران متفقان، والفلك في القول الأول سفينة نوح واحد في المعنى.

وقيل: المعنى: إن الآباء يسمون ذرية. فالمعنى: وآية لأهل مكة أنا حملنا آباءهم في الفلك المشحون، وهي سفينة نوح. وإنما جاز ذلك لأن الذرية مِنْ: ذَرَأَ الله الخلق. (فسمي الولد / ذريه لأنه ذري من الأب، ويسمى الأب ذرية لأن الابن ذري منه. فكما جاز أن يقال للابن ذرية لأبيه) لأنه ذري منه، فكذلك يجوز أن يقال للأب ذرية للابن لأن ابنه ذري منه.

فالمراد بها سفينة نوح، ويراد بها في القول الثاني: سفينة من السفن، وهي المَرْكَبُ، فيجوز أن يكون واحداً وجمعاً، فإذا كان جمعاً فواحده فَلَكٌ كُوَثَنٍ وَوُثْنٍ.

قال الحسن: (المشحون) المحمول.

وقيل: الممتلئ، قاله ابن عباس.

ثم قال (تعالى): { وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِّن مِّثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ }.

قال ابن عباس: هي السفن الصغار، ودل على ذلك: { وَإِن نَّشَأْ نُغْرِقْهُمْ }.

وقال الضحاك: يعني السفن التي اتُّخِذَتْ بعد سفينة نوح.

وقاله قتادة وابن زيد وأبو صالح وغيرهم.

وعن ابن عباس: أنها الابل، قال: فالإبل سفن البر.

وقال مجاهد: يعني الأنعام.

وقال الحسن أيضا: هي الإبل.

واختيار الطبري قول من قال هي السفن، لقوله (تعالى): { وَإِن نَّشَأْ نُغْرِقْهُمْ } إذ لا غرق في البر، والمعنى: إِنْ نشأ نغرق هؤلاء المشركين إذا ركبوا الفلك في البحر.

{ فَلاَ صَرِيخَ لَهُمْ } أي: لا مغيث لهم إذا نحن أغرقناهم.

{ وَلاَ هُمْ يُنقَذُونَ } أي: ينجون من الغرق.

وصريخ بمعنى مُصرخ: أي مغيث. يقال صرخ الرجل إذا صاح، وأصرخ إذا أغاث وأعان، فهو مُصْرِخ والأول صارخ.

ثم قال تعالى: { إِلاَّ رَحْمَةً مِّنَّا }.

فنصب " رحمة " عند الزجاج لأنه مفعول من أجله.

وهي عند الكسائي نصب على الاستثناء.

والمعنى: ولا هم ينقذون إلا لأجل الرحمة والإمتاع بالحياة إلى وقت، هذا التقدير على قول الزجاج. والتقدير على قول الكسائي: ولا هم ينقذون إلا أن يرحمهم فيمتعهم إلى أجل.

قال قتادة: { إِلَىٰ حِينٍ } إلى الموت.

ثم قال: { وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱتَّقُواْ مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ [وَمَا خَلْفَكُمْ } أي: إذا قيل لهؤلاء المشركين من قومك يا محمد اتقوا ما بين أيديكم]، أي: احذروا ما تقدم قبلكم من نقم الله في الأمم الماضية بكفرهم وتكذيبهم الرسل أن يحل بكم مثل ذلك. { وَمَا خَلْفَكُمْ } أي: وما أنتم لاقُوهُ من عذاب الله تعالى إن هلكتم على كفركم وتكذيبكم.

السابقالتالي
2 3