الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ وَجَآءَ مِنْ أَقْصَا ٱلْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَىٰ قَالَ يٰقَوْمِ ٱتَّبِعُواْ ٱلْمُرْسَلِينَ } * { ٱتَّبِعُواْ مَن لاَّ يَسْأَلُكُمْ أَجْراً وَهُمْ مُّهْتَدُونَ } * { وَمَا لِيَ لاَ أَعْبُدُ ٱلَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } * { أَأَتَّخِذُ مِن دُونِهِ آلِهَةً إِن يُرِدْنِ ٱلرَّحْمَـٰنُ بِضُرٍّ لاَّ تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً وَلاَ يُنقِذُونَ } * { إِنِّيۤ إِذاً لَّفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } * { إِنِّيۤ آمَنتُ بِرَبِّكُمْ فَٱسْمَعُونِ } * { قِيلَ ٱدْخُلِ ٱلْجَنَّةَ قَالَ يٰلَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ } * { بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ ٱلْمُكْرَمِينَ } * { وَمَآ أَنزَلْنَا عَلَىٰ قَوْمِهِ مِن بَعْدِهِ مِن جُندٍ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَمَا كُنَّا مُنزِلِينَ } * { إِن كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ } * { يٰحَسْرَةً عَلَى ٱلْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِّن رَّسُولٍ إِلاَّ كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ } * { أَلَمْ يَرَوْاْ كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِّنَ ٱلْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لاَ يَرْجِعُونَ }

قوله (تعالى ذكره): { وَجَآءَ مِنْ أَقْصَا ٱلْمَدِينَةِ رَجُلٌ (يَسْعَىٰ) } إلى قوله: { إِلَيْهِمْ لاَ يَرْجِعُونَ }.

قال ابن إسحاق فيما بلغه عن ابن عباس وعن كعب الأحبار وعن وهب بن منبه: أن رجلاً من أهل أنطاكية، اسمه حبيب النجار، (كان) يعمل الجرير، وكان سقيماً (قد أسرع فيه) الجذام /، وكان منزله عند باب من أبواب المدينة (قاصياً)، وكان مؤمناً ذا صدقة يجمع كسبه إذا أمسى فيقسمه نصفين، فيطعم نصفه عياله ويتصدق بنصفه فلم يهمه سقمه ولا عمله ولا ضعفه عن عمل ربه، فلما اجتمع قومه - يعني أهل أنطاكية - على قتل الرسل بلغ ذلك حبيباً وهو على باب المدينة الأقصى فجاء يسعى إليهم ويذكرهم الله ويدعوهم إلى اتباع المرسلين، فقال لهم ما قص الله علينا.

قال قتادة: ذُكِرَ لنا أن اسمه حبيب وكان يعبد ربه في غار.

ويروى أنه كان نجاراً، وقيل: (إنه) كان حطاباً، لما بلغه أمر الرسل أتى مسرعاً بحزمته فآمن، وقال للناس: { يٰقَوْمِ ٱتَّبِعُواْ ٱلْمُرْسَلِينَ }.

ثم أقبل على المرسلين فقال: أتريدون مالاً نعطيكم، فقالوا: لا، فأقبل على الناس يقول: { ٱتَّبِعُواْ مَن لاَّ يَسْأَلُكُمْ أَجْراً وَهُمْ مُّهْتَدُونَ } فقيل له: أَفأَنْتَ تتبعهم، فقال: { وَمَا لِيَ لاَ أَعْبُدُ ٱلَّذِي فَطَرَنِي } ، إلى قوله: { ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } ، ثم أقبل على المرسلين فقال لهم: { إِنِّيۤ آمَنتُ بِرَبِّكُمْ } فتألب عليه الناس فقتلوه.

قال ابن عباس: هو حبيب النجار.

ويروى أنه لما سمع بخبر الرسل جاء يسعى فقال لهم: أتطلبون (على) ما جئتم به أجراً، قالوا: لا، فأقبل على قومه فقال: { يٰقَوْمِ ٱتَّبِعُواْ ٱلْمُرْسَلِينَ } إلى قوله: { إِنِّيۤ آمَنتُ بِرَبِّكُمْ فَٱسْمَعُونِ } يقول هذا للرسل.

قال قتادة: فرجمه قومه، فقال: اللهم اهد قومي، أحسبه قال: فإنهم لا يعلمون، فقتلوه رجماً، فأدخله الله الجنة، فلم ينظر الله قومه حتى أهلكهم.

روي أن جبريل صلى الله عليه وسلم وضع جناحاً في أقطارها فقلبها عليهم فبقوا خامدين ساكتين.

وعن كعب الأحبار أنه قال: الرسولان والذي جاء يسعى خُدَّ لهم أُخْدود وحرقوا بالنار فيه.

وأكثر الناس على أن الرسل كانوا من حواريي عيسى عليه السلام، تنبأهم الله بعد / عيسى، وأرسل منهم اثنين إلى أنطاكية فكذبوهما وضربوهما وحبسوهما، فقواهم الله برسول ثالث.

وقد قيل: إن الثالث شمعون، (وهو) من أصحاب عيسى، وأنه أرسل قبل الاثنين إلى أنطاكية فكذبوه، وإلى ذلك ذهب الفراء.

قال كعب ووهب: وثبوا على الذي جاء يسعى وثبة رجل واحد فقتلوه. وقوله: { وَهُمْ مُّهْتَدُونَ } أي: على استقامة من الحق، فاهتدوا بهداهم.

ولا يحسن الوقف على " المرسلين " لأنَّ مَنْ بدل " من " المرسلين بإعادة الفعل.

وقوله: { وَمَا لِيَ لاَ أَعْبُدُ ٱلَّذِي فَطَرَنِي } (أي): وأَي شيء لي في ترك عبادة خالقي.

السابقالتالي
2 3