الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱللَّهَ عَالِمُ غَيْبِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ } * { هُوَ ٱلَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ فِي ٱلأَرْضِ فَمَن كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَلاَ يَزِيدُ ٱلْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ إِلاَّ مَقْتاً وَلاَ يَزِيدُ ٱلْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ إِلاَّ خَسَاراً } * { قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكَآءَكُمُ ٱلَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُواْ مِنَ ٱلأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَاباً فَهُمْ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّنْهُ بَلْ إِن يَعِدُ ٱلظَّالِمُونَ بَعْضُهُم بَعْضاً إِلاَّ غُرُوراً } * { إِنَّ ٱللَّهَ يُمْسِكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ أَن تَزُولاَ وَلَئِن زَالَتَآ إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِّن بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً } * { وَأَقْسَمُواْ بِٱللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِن جَآءَهُمْ نَذِيرٌ لَّيَكُونُنَّ أَهْدَىٰ مِنْ إِحْدَى ٱلأُمَمِ فَلَمَّا جَآءَهُمْ نَذِيرٌ مَّا زَادَهُمْ إِلاَّ نُفُوراً } * { ٱسْتِكْبَاراً فِي ٱلأَرْضِ وَمَكْرَ ٱلسَّيِّىءِ وَلاَ يَحِيقُ ٱلْمَكْرُ ٱلسَّيِّىءُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ سُنَّتَ ٱلأَوَّلِينَ فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ ٱللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ ٱللَّهِ تَحْوِيلاً }

قوله تعالى ذكره: { إِنَّ ٱللَّهَ عَالِمُ غَيْبِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ } إلى قوله: { لِسُنَّتِ ٱللَّهِ تَحْوِيلاً }.

أي: يعلم ما يخفي جميع الخلق وما يسرّون، وما لم يخفوه.

{ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ } أي: ما تخفون في أنفسكم.

ثم قال: { هُوَ ٱلَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ فِي ٱلأَرْضِ } أي: استخلفكم في الأرض بعد الأمم الماضية.

قال قتادة: أمة بعد أمة وقرناً بعد قرن.

وفيه معنى التنبيه والتخويف أن يصيبهم مثل ما أصاب الأمم قبلهم.

ثم قال تعالى: { فَمَن كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ } أي: على نفسه ضرر كفره راجع، مثل:وَمَنْ أَسَآءَ فَعَلَيْهَا } [فصلت: 46]. وقيل: معناه: فعليه جزاء كفره.

ثم قال تعالى: { وَلاَ يَزِيدُ ٱلْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ إِلاَّ مَقْتاً } أي: بعداً من الله ورحمته.

{ وَلاَ يَزِيدُ ٱلْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ إِلاَّ خَسَاراً } أي: هلاكاً.

والمقت / عند أهل اللغة أشد البغض.

ثم قال تعالى: { قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكَآءَكُمُ } أي: قل يا محمد لهؤلاء المشركين: أخبروني عن شركائكم الذين تدعون من دون الله، { مَاذَا خَلَقُواْ مِنَ ٱلأَرْضِ } ، أي: هل خلقوا شيئاً، { أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ } - إن لم يكونوا خلقوا في الأرض شيئاً - أم أعطاكم الله كتاباً أن تشركوا بها، وتعبدونها من دون الله، فأنتم على حجج من عبادتكم لها إن كان معكم شيء من ذلك، فهل عبدتموها لأمر من هذه الأمور: فيقوم لكم بذلك عذر، أم عبدتموها لا لمعنى، فتظهر لكم خطاياكم. وكذلك فعلوا، ألا ترى أنهم لم يجدوا حجة من عبادتهم لها إلا أنقَالُواْ وَجَدْنَآ آبَآءَنَا لَهَا عَابِدِينَ } [الأنبياء: 53].

ومعنى " أرأيتم " عند سيبويه: أخبروني عن كذا، على (معنى) التوقيف، وأجاز سيبويه: " قد عَلِمْتُ زَيدٌ أبو مَنْ هُوَ " بالرفع لأن زيداً في المعنى مستفهم عنه، ولو جعلت موضع علمت أرأيت، لم يجز الرفع لأنه بمعنى أخبرني عن زيد، فلا يصلح أن يعلق، إذْ خرج عن حد ما يدخل على الابتداء والخبر، وحسن تعليق علمت لأنها داخلة على الابتداء والخبر.

ثم قال: { بَلْ إِن يَعِدُ ٱلظَّالِمُونَ بَعْضُهُم بَعْضاً إِلاَّ غُرُوراً } أي: ليس لآلهتهم شيء من هذه الخِلال، فقولهم: ما نعبد آلهتنا إلا لتقربنا إلى الله زلفى خداع من بعضهم لبعض، وحسن إضافة الشركاء إليهم لأنهم هم اختلقوها وجعلوها شِرْكاً لله.

و " بَيّنَت " في الخط بالتاء، وذلك يدل على أنه جمع لأنه لو كان واحداً لم يكتب بالتاء لأنه مُنَوَّنٌ، وإنَّ ما وقع بالتاء من هذا النوع ما كان غير منونٍ نحو " رَحْمَتِ رَبّي ". و [...] الله وشبه ذلك.

وأيضاً فإن كثيراً من المصاحف كتبت " بيِّنَاتِ " فيه بألف قبل التاء فمن قرأ بالتوحيد فلا يخلو من أن يكون خالف الخط، ومخالفته لا تجوز، أو تكون قراءة على لغة الذين قالوا في طلحة: طلحت فوقفوا بالتاء، وهي لغة شاذة.

السابقالتالي
2 3