الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ } * { وَقَالُواْ ٱلْحَمْدُ للَّهِ ٱلَّذِيۤ أَذْهَبَ عَنَّا ٱلْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ } * { ٱلَّذِيۤ أَحَلَّنَا دَارَ ٱلْمُقَامَةِ مِن فَضْلِهِ لاَ يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلاَ يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ } * { وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لاَ يُقْضَىٰ عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُواْ وَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِّنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ } * { وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَآ أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً غَيْرَ ٱلَّذِي كُـنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَآءَكُمُ ٱلنَّذِيرُ فَذُوقُواْ فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ }

قوله تعالى ذكره: { جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ } إلى قوله: { مِن نَّصِيرٍ }.

أي: بساتين إقامة لا زوال منها، يدخل هؤلاء المتقدمون ذكرهم، على ما ذكرنا من الاختلاف في الآية التي قبلها، ورجوع الضمير على الكل أو على البعض.

ثم قال: { يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ } أي: يلبسون ذلك في هذه البساتين. وأساور جمع الجمع واحده أَسْوِرَة، وواحد أَسْوِرَة سَوار وسِوَار لغتان فيه. وحكي إِسْوَارٌ، وجمعه أساوير. وفي حرف أُبَيّ: " أساوير " على هذا المعنى.

وقال بعض أهل اللغة: قوله { مِنْ عِبَادِنَا } عام في النساء والرجال، وقوله: { يُحَلَّوْنَ فِيهَا } يعني به النساء خاصة، وهو غلط لأنه كان يجب أن يقول يحلين، ولكن هو للرجال.

ويجوز أن يكون لهما جميعاً فيغلب المذكر على المؤنث.

ثم قال: { وَلُؤْلُؤاً وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ } من خفض فعلى العطف على " أساور ". ومن نصب فعلى موضع " أساور ".

وروي أن كل واحد يحلّى في يده ثلاث أسوِرة: واحد من فضة، وآخر من ذهب، وآخر من لؤلؤ، والذهب في الوسط في كل يد.

ثم قال تعالى: { وَقَالُواْ ٱلْحَمْدُ للَّهِ ٱلَّذِيۤ أَذْهَبَ عَنَّا ٱلْحَزَنَ }.

قال ابن عباس: الحزَن: حزن دخول النار، وهو قول الحسن. وقال عطية الحزنَ: الموت.

وقال شمر: الحزنَ: حزن الخبر.

وقال قتادة: كانوا في الدنيا يعملون وينصبون وهم في حزن فحمدوا الله على ذهاب ما كانوا فيه.

وروى أبو الدرداء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " أَمَّا الظَّالِمُ لِنَفْسِهِ فَيُصِيبُهُ فِي ذَلِكَ المَكَانِ مِنَ الغَمِّ وَالحُزْنِ، فَذَلِكَ قَوْلُهُم: الحَمْدُ للهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الحَزَنَ " يعنون ما كانوا فيه - في الموقف - من الخوف.

وقال الزجاج: معناه الذي أذهب عنا الغم بالمعيشة، والخوف من العذاب وتوقع الموت. وقيل: هو عام في جميع الحزن.

وقيل: الحزن هو أعمال عملوها من الخير فكانوا تحت خوف منها أن تقبل منهم أو لا تقبل، فلما قبلت حمدوا الله على ذلك.

وروى زيد بن أسلم عن ابن عمر أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لَيْسَ عَلَى أَهْلِ لا إِلَهَ إلاّ الله وَحْشَةٌ فِي قُبُورِهِم وَلا يَوْمَ نُشُورِهِمْ، وَكَأَنِّي بِأَهْلِ لا إِلَهَ إلاَّ اللهَ يَنْفُضُونَ التُّرابَ / عَنْ رُؤُوسِهِمْ يَقُولُونَ: الحَمْدُ للهِ الَّذي أَذْهَبَ عَنَّا الحَزَنَ ".

ثمّ قال: { إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ } قيل: إنه من قول الثلاثة الأصناف.

قال قتادة: غفور لذنوبنا شكور لحسناتنا.

قال شمر: غفر لهم ما كان من ذنب وشكر لهم ما كان من عمل. وقيل: هو من قول الظالم لنفسه، أي: غفر الذنب الكثير وشكر العمل القليل.

رواه أبو الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث المتقدم ذكره في قوله: { أَوْرَثْنَا ٱلْكِتَابَ }.

السابقالتالي
2