الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ مَن كَانَ يُرِيدُ ٱلْعِزَّةَ فَلِلَّهِ ٱلْعِزَّةُ جَمِيعاً إِلَيْهِ يَصْعَدُ ٱلْكَلِمُ ٱلطَّيِّبُ وَٱلْعَمَلُ ٱلصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَٱلَّذِينَ يَمْكُرُونَ ٱلسَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُوْلَئِكَ هُوَ يَبُورُ } * { وَٱللَّهُ خَلَقَكُمْ مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجاً وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَىٰ وَلاَ تَضَعُ إِلاَّ بِعِلْمِهِ وَمَا يُعَمَّرُ مِن مُّعَمَّرٍ وَلاَ يُنقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلاَّ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٌ } * { وَمَا يَسْتَوِي ٱلْبَحْرَانِ هَـٰذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَآئِغٌ شَرَابُهُ وَهَـٰذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَمِن كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيّاً وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى ٱلْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ لِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ }

قوله تعالى ذكره: { مَن كَانَ يُرِيدُ ٱلْعِزَّةَ فَلِلَّهِ ٱلْعِزَّةُ جَمِيعاً } إلى قوله: { وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ }.

أي: من كان يريد العزّة بعبادة الأوثان والأصنام فإن لله العزّة جميعاً، قاله مجاهد.

وقال قتادة: معناه: من كان يريد أن يتعزز فليتعزز بطاعة الله. وقال الفراء: معناه من كان يريد علم العزة فإنها لله جميعاً، أي: كلها له.

وقيل المعنى: من كان يريد العزّة التي لا ذلة تعقبها فهي لله، لأنّ العزّة إذا أعقبتها ذلة فهي ذلة إذ قصاراها للذلة.

و " جميعاً " منصوب على الحال. أي: إن العزة في حال اجتماعها، له في الدنيا والآخرة.

ثم قال تعالى ذكره: { إِلَيْهِ يَصْعَدُ ٱلْكَلِمُ ٱلطَّيِّبُ وَٱلْعَمَلُ ٱلصَّالِحُ يَرْفَعُهُ } أي: إلى الله يصعد ذكر العبد ربّه، ويرفع ذكر العبد ربَّه العمل الصالح، وهو العمل بطاعة الله.

ويُقال: الكلم الطيب هو لا إله إلاّ الله، يرفعه عمل الفرائض، فإذا قال العبد لا إله إلاّ الله نظرت الملائكة إلى عمله، فإن كان عمله موافقاً لقوله صعدا جميعاً ولهما دوي كدوي النحل حتى يقف بين يدي الله تعالى، فينظر إلى قائلها نظرة لا يَبْؤُسُ بعدها أبداً، وإذا كان عمله مخالفاً لقوله، وقف حتى يموت من عمله.

قال عبد الله: إنّا إذا حدثناكم بحديث أتيناكم بتصديق ذلك من كتاب الله عز وجل، إن العبد المسلم إذا قال: سبحان الله وبحمده الحمد لله لا إله إلاّ الله والله أكبر تبارك الله، أخذهن ملك فجعلهنّ تحت جناحه ثم يصعد بهنّ إلى السماء فلا يَمُرُّ بِهِنَّ على جَمْعٍ من الملائكة إلاّ استغفروا لقائلهنّ، ثم قرأ عبد الله:

{ إِلَيْهِ يَصْعَدُ ٱلْكَلِمُ ٱلطَّيِّبُ وَٱلْعَمَلُ ٱلصَّالِحُ يَرْفَعُهُ }.

وقال كعب: إن لسبحان الله والحمد لله ولا إله إلاّ الله والله أكبر لدويًّا حول العرش كدويّ النحل يذكرن بصاحبهنّ. والعمل في الخزائن.

قال ابن عباس: { ٱلْكَلِمُ ٱلطَّيِّبُ } ذكر الله، و { وَٱلْعَمَلُ ٱلصَّالِحُ } أداء فرائضه فمن ذكر الله في أداء فرائضه، حمل عمله ذكر الله فصعد به إلى الله سبحانه.

ومن ذكر الله ولم يؤدّ فرائضه رُدَّ كلامه على عمله فكان أولى به. وكذلك قال الحسن وابن جبير ومجاهد وأبو العالية والضحاك وقال شهر بن حوشب: " الكلم الطيب " القرآن، و " العمل الصالح " يرفع القرآن. أي التوحيد يرفع القرآن.

روي عن ابن مسعود أنه قال: إذا حدثناكم بحديث آتيناكم بتصديقه من كتاب الله عز وجل: خمس ما قالهنّ عبد مسلم إلاّ قبض عليهن ملكٌ فجعلهنّ تحت جناحه فيصعد بهن لا يمر بهنّ على جمع من الملائكة إلاّ استغفروا لقائلهن حتى يجيء بها الرحمن: الحمد لله وسبحان الله ولا إله إلاّ الله والله أكبر وتبارك وتعالى، ثم قرأ: { إِلَيْهِ يَصْعَدُ ٱلْكَلِمُ ٱلطَّيِّبُ وَٱلْعَمَلُ ٱلصَّالِحُ يَرْفَعُهُ }.

السابقالتالي
2 3