الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ جَآءَ ٱلْحَقُّ وَمَا يُبْدِىءُ ٱلْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ } * { قُلْ إِن ضَلَلْتُ فَإِنَّمَآ أَضِلُّ عَلَىٰ نَفْسِي وَإِنِ ٱهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ } * { وَلَوْ تَرَىٰ إِذْ فَزِعُواْ فَلاَ فَوْتَ وَأُخِذُواْ مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ } * { وَقَالُوۤاْ آمَنَّا بِهِ وَأَنَّىٰ لَهُمُ ٱلتَّنَاوُشُ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ } * { وَقَدْ كَـفَرُواْ بِهِ مِن قَـبْلُ وَيَقْذِفُونَ بِٱلْغَيْبِ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ } * { وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِم مِّن قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُواْ فِي شَكٍّ مُّرِيبٍ }

قوله تعالى ذكره: { قُلْ جَآءَ ٱلْحَقُّ وَمَا يُبْدِىءُ ٱلْبَاطِلُ } إلى آخر السورة.

أي: قل لهم يا محمد جاء الحق وهو الوحي. { وَمَا يُبْدِىءُ ٱلْبَاطِلُ } أي: وما يبتدي الشيطان خلقاً ولا يعيد خلقاً بعد موته. والباطل هنا الشيطان، وهو إبليس اللعين، أي ما يخلق إبليس أحداً ولا يعيد خلقاً بعد موته. والوقف على " الحق " حسن إن رفعت " علم " على إضمار مبتدأ أو نصبته على المدح وهي قراءة عيسى بن عمر.

فإن رفعت على أنه خبر، أو خبر بعد خبر، أو على النعت على الموضع، أو على البدل من المضمر، لم تقف على " بالحق ".

ثم قال تعالى: { قُلْ إِن ضَلَلْتُ فَإِنَّمَآ أَضِلُّ عَلَىٰ نَفْسِي } أي: على نفسي يعود ضرره.

{ وَإِنِ ٱهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي } فبالذي يوحيه إليَّ من الهدى اهتديت، وإن شِئْتَ جَعلتَ ما والفعل مصدراً.

والتقدير: وإن اهتديت إلى الحق فبوحي ربي اهتديت.

{ إِنَّهُ سَمِيعٌ } أي: سميع لِمَا أقول لكم، حافظ له مجازٍ لي عليه، { قَرِيبٌ } أي: قريب مني غير بعيد لا يتعذر عليه سماع ما أقول لكم ولا غيره.

ثم قال { وَلَوْ تَرَىٰ إِذْ فَزِعُواْ فَلاَ فَوْتَ } اختلف في وقت هذا الفزع، فقيل: ذلك في الآخرة، وقيل: في الدنيا.

فالمعنى على قول ابن عباس: أي لو ترى يا محمد إنّ فزع هؤلاء المشركون عند نزول العذاب بهم فلا فوت لهم من العذاب.

{ وَأُخِذُواْ مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ } أي: من الدنيا بالعذاب.

قال ابن عباس: هذا من عذاب الدنيا.

قال ابن زيد: هؤلاء قتلى المشركين من أهل بدر، وهم الذين بدلوا نعمة الله كفراً وأحلوا قومهم دار البوار.

وقال ابن جبير: هم الجيش الذين يخسف بهم بالبيداء، يبقى منهم رجل يخبر الناس بما لقي أصحابه.

وروى حذيفة بن اليمان " أن النبي صلى الله عليه وسلم " ذكر فتنة " تكون بين أهل المشرق والمغرب، قال: فَبَيْنَمَا هم كذلك إذْ خَرجَ عليهم السّفْيَانِيّ من الوادي اليابس في فورة ذلك حتى ينزل دمشق فيبعث جيشين، جيشاً إلى المشرق، وجيشاً إلى المدينة، حتى ينزلوا بابِلَ في المدينة الملعونة والبقعة الخبيثة، فيقتلون أكثر من ثلاث آلاف، ويبقرون فيها أكثر من مائة امرأة، ويقتلون بها ثلاث مائة كبْشٍ من بني العباس، ثم ينحدرون إلى الكوفة فيخربون ما حولها، ثم يخرجون متوجهين إلى الشام، فتخرج رَايَةُ هُدىَ من الكوفة فتلحق ذلك الجيش منها على ليلتين فيقتلونهم لا يفلت منهم مخْبِرٌ، ويَسْتَنْفِذُونَ ما في أيديهم من السَّبْيِ والغنائم، وَيَحُلُّ جيشه الثاني بالمدينة فَيَنْتَهِبونَهَا ثلاثة أيام ولياليها، ثم يخرجون متوجهين إلى مكة حتى إذا كانوا بالبَيْداءَ بعث الله عليهم جبريل عليه السلام، فيقول: يا جبريل اذهب فأبِدْهُمْ، فيضربها برجله ضربة يَخْسِفُ الله بهم، فذلك قوله تعالى ذكره: { وَلَوْ تَرَىٰ إِذْ فَزِعُواْ فَلاَ فَوْتَ وَأُخِذُواْ مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ } فلا يفلت منهم إلا رجلان، أحدهما بشير والآخر نذير وهما من جهينة، فذلك جاء المثل: " وَعِنْدَ جُهَيْنَةَ الخَبَرُ اليقِينُ " ".


السابقالتالي
2 3