قوله تعالى ذكره: { ٱلْحَمْدُ للَّهِ ٱلَّذِي لَهُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ } إلى قول: { لِّكُلِّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ } معناه: جميع الحمد من جميع الخلق لله الذي هو مالك السماوات السبع والأرضين السبع والذي له الحمد في الآخرة كالذي له في الدنيا. وقيل: معناه: هو قوله:{ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ ٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } [يونس: 10]. وقيل: هو قول أهل الجنة:{ ٱلْحَـمْدُ للَّهِ ٱلَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ } [الزمر: 74]. ثم قال: { وَهُوَ ٱلْحَكِيمُ ٱلْخَبِيرُ } أي: الحكيم في تدبير خلقه، الخبير بهم. ثم قال: { يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي ٱلأَرْضِ } أي: ما يدخل فيها من قطر وغيره. [ { وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا } أي: من نبات وغيره. { وَمَا يَنزِلُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ } أي من وحي ومطر وغيره]. { وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا } أي: من أمر وملائكة وغير ذلك. ويعرج: يصعد، ويلج: يدخل. فالمعنى في ذلك: أنه تعالى ذكره العالم بكل شيء، لا يخفى عليه شيء في السماوات ولا في الأرض مما ظهر ومما بطن. ثم قال: { وَهُوَ ٱلرَّحِيمُ } أي: بأهل التوبة من عباده، لا يعذبهم بعد توبتهم. { ٱلْغَفُورُ } لذنوبهم إذا تابوا منها. ثم قال تعالى { وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لاَ تَأْتِينَا ٱلسَّاعَةُ } أي: لا نبعث بعد موتنا، إنكاراً منهم للجزاء وتكذيباً. ثم قال تعالى: { قُلْ بَلَىٰ وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ } أي: قل لهم يا محمد: بلى وحق ربي لتأتينكم الساعة ولتبعثن للجزاء بأعمالكم. ثم قال تعالى: { عَالِمِ ٱلْغَيْبِ } أي: هو عالم الغيب، أي: ما غاب عنكم من إتيان الساعة وغيرها. ومن رفعه. فعلى إضمار مبتدأ، أي: هو عالم الغيب. ومن خفضه. جعله نعتاً لربي. ثم قال: { لاَ يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ } أي: لا يغيب عنه شيء وإن قَلَّ أوْ جَلَّ، وهو قوله: { وَلاَ أَصْغَرُ مِن ذَلِكَ وَلاَ أَكْبَرُ } أي: لا يغيب عنه ما هو أصغر من زنة ذرة ولا ما هو أكبر منها أين كان ذلك. ثم قال: { إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ } أي: كل ذلك (مثبت) في كتاب بَيِّنٍ للناظر فيه أن الله قد أثبته وأحصاه وعلمه، فلم يغب عنه منه شيء. وأجاز نافع الوقف على: قُلْ بَلى. وقال الأخفش: الوقف " لتأتِيَنَكُمْ " على قراءة من رفع " عالم " ومن قرأ بالخفض في " عالم " لم يقف على " لتأتينكم ". ثم قال: { لِّيَجْزِيَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ } أي: لا يغيب عنه شيء من الأشياء إلا وهو في كتاب مبين، ليجزي المؤمنين الذين عملوا الأعمال الصالحة. وقيل: التقدير: لتأتينكم ليجزي المؤمنين. ثم قال: { أُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ مَّغْفِرَةٌ } أي: ستر على ذنوبهم التي تابوا منها. { وَرِزْقٌ كَرِيمٌ } أي: وعيش هنيء في الجنة. ثم قال: { وَٱلَّذِينَ سَعَوْا فِيۤ آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ }. قال قتادة: ظنوا أنهم يعجزون الله ولن يعجزوه.