قوله تعالى ذكره: { وَٱلَّذِينَ يَسْعَوْنَ فِيۤ آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ } إلى قوله: { عَلاَّمُ ٱلْغُيُوبِ }. أي: والذين سعوا في إبطال حجج الله وأدلته معاجزين، أي: يظنون أنهم يفوتون الله ويعجزونه فلا يجازيهم على فعلهم. { أُوْلَـٰئِكَ فِي ٱلْعَذَابِ مُحْضَرُونَ } أي: في عذاب جهنم يوم القيامة. ثم قال تعالى: { قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ ٱلرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ } أي: يوسع في الرزق لمن يشاء ويضيق على من يشاء، وليس ذلك لفضل في أحد ولا لنقص ولا لمحبة ولا لبغض. ثم قال تعالى: { وَمَآ أَنفَقْتُمْ مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ } أي: ما أنفقتم في طاعة الله فإن الله يخلفه عليكم. قال ابن جبير: ما كان في غير إسراف ولا تقتير. قال ابن عباس: في غير إسراف ولا تقتير. وقال الضحاك: يعني النفقة على العيال وعلى نفسه، وليس النفقة في سبيل الله. قال مجاهد في قوله { فَهُوَ يُخْلِفُهُ }: أي: إن كان خالفاً فمنه، وربما أنفق الرجل ماله كله ولم يخلف حتى يموت. قال مجاهد: إذا كان بيد الرجل ما يقيمه فليقتصد في النفقة، ولا تؤوَّلُ هذه الآية فإن الرزق مقسوم، ولا يدري لعل رزقه قليل. يعني: وأجله قريب. ثم قال تعالى: { وَهُوَ خَيْرُ ٱلرَّازِقِينَ } أي: خير من يرزق. وجاز ذلك لأن من الناس من يسمى برازق على المجاز، أي: رزق غيره مما رزقه الله، والله يرزق عباده لا من رزق رزقه غيره، فليس رازق مرزوق كرازق غير مرزوق. ثم قال تعالى: { وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلاَئِكَةِ } الآية أي: واذكر يا محمد يوم نحشر هؤلاء الكفار، ثم نقول للملائكة: أهؤلاء الكفار كانوا يعبدونكم من دوني؟ فتبرأ منهم الملائكة، فقالوا: { سُبْحَانَكَ أَنتَ وَلِيُّنَا مِن دُونِهِمْ } أي: تنزيهاً لك وبراءة من السوء الذي أضافه هؤلاء إليك، " أنت ولينا من دونهم " أي: لا نتخذ ولياً من دونك. { بَلْ كَانُواْ يَعْبُدُونَ ٱلْجِنَّ أَكْـثَرُهُم بِهِم } أي: بالجن. { مُّؤْمِنُونَ } أي: مصدقون، أي بعبادتهم. وقيل: المعنى: أكثر هؤلاء الكفار بالملائكة مصدقون أنهم بنات الله. قال قتادة في قوله تعالى للملائكة: { أَهَـٰؤُلاَءِ إِيَّاكُمْ كَانُواْ يَعْبُدُونَ } هو كقوله لعيسى:{ أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ ٱتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَـٰهَيْنِ مِن دُونِ ٱللَّهِ } [المائدة: 116]. ثم قال تعالى /: { فَٱلْيَوْمَ لاَ يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَّفْعاً وَلاَ ضَرّاً } أي: لا تملك الملائكة للذين كانوا يعبدونهم في الدنيا ضراً ولا نفعاً. ثم قال: { وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ } أي: عبدوا غير الله. { ذُوقُواْ عَذَابَ ٱلنَّارِ ٱلَّتِي كُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ } أي: في الدنيا. ثم قال تعالى: { وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ } أي: وإذا تقرأ على هؤلاء الكفار آيات القرآن ظاهرات الدلائل والحجج في توحيد الله وأنهن من عنده. { قَالُواْ مَا هَـٰذَا إِلاَّ رَجُلٌ يُرِيدُ أَن يَصُدَّكُمْ عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَآؤُكُمْ } أي: قالوا لا تتبعوا محمداً فما هو إلا رجل يريد أن يصدكم عما كان آباؤكم يعبدون من الأوثان ويغير دينكم.