الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يُؤْمِنُ بِٱلآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكٍّ وَرَبُّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفُيظٌ } * { قُلِ ٱدْعُواْ ٱلَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ لاَ يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَلاَ فِي ٱلأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِن شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِّن ظَهِيرٍ } * { وَلاَ تَنفَعُ ٱلشَّفَاعَةُ عِندَهُ إِلاَّ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ حَتَّىٰ إِذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمْ قَالُواْ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُواْ ٱلْحَقَّ وَهُوَ ٱلْعَلِيُّ ٱلْكَبِيرُ } * { قُلْ مَن يَرْزُقُكُمْ مِّنَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ قُلِ ٱللَّهُ وَإِنَّآ أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَىٰ هُدًى أَوْ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ }

قوله تعالى ذكره: { وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِّن سُلْطَانٍ } إلى قوله: { فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ }.

أي ما كان لإبليس على أصحاب الجنتين وغيرهم ممن اتبعه من حجة يضلهم بها إلا سلطناه عليهم لنعلم من يطيعه فينكر الجزاء والبعث ممن يعصيه فيؤمن بالجزاء والبعث، وذلك أمر قد علمه الله جل ذكره، ولكن المعنى: لنعلم ذلك علم مشاهدة، فعليها يقع الجزاء والثواب.

وقيل: المعنى: إلا لنعلم ذلك عندكم كما قال:أَيْنَ شُرَكَآئِيَ } [القصص: 62]، أي على / قولكم وزعمكم.

فقوله: " إلا لنعلم " ليس في الظاهر بجواب لقوله: { وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِّن سُلْطَانٍ } أي: من حجة لكنه محمول على المعنى، لأن معنى { وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِّن سُلْطَانٍ }: ما جعلنا له عليهم من سلطان إلا لنعلم. فبهذا يتصل بعض الكلام ببعض ويظهر المعنى.

ثم قال تعالى: { وَرَبُّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفُيظٌ } أي: وربك يا محمد على أعمال هؤلاء الكفرة وغير ذلك من الأشياء كلها حفيظ لا يغرب عنه علم شيء، مجاز جميعهم بما كسبوا، أي في الدنيا من خير وشر.

ثم قال تعالى: { قُلِ ٱدْعُواْ ٱلَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ } أي: قل يا محمد لهؤلاء الجاحدين من قومك: ادعوا من زعمتم أنه شريك لله فاسئلوهم يفعلوا بكم بعض ما فعل بهؤلاء الذين تقدم ذكرهم من خير ونعمة فإنهم لا يملكون زنة مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض، { وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِن شِرْكٍ } أي: فليس يملكون شيئاً على الانفراد ولا على الشركة، فكيف يكون من هذه حاله شريكاً لمن يملك جميع ذلك، وإذا لم تقدر ألهتكم على شيء من ذلك، فأنتم مبطلون في دعواكم. فمفعول زعمتم جملة محذوفة دل عليها الخطاب، والتقدير: الذين زعمتم أنهم ينصرونكم من دون الله، يعني الملائكة لأنهم عبدوهم من دون الله وزعموا أنهم ينصرونهم.

ثم قال: { وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِّن ظَهِيرٍ } أي: وما لله جل ذكره من آلهتهم من عوين على خلق شيء.

ثم قال تعالى: { وَلاَ تَنفَعُ ٱلشَّفَاعَةُ عِندَهُ إِلاَّ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ } أي: لا تنفع شفاعة شافع لأحد إلا لمن أذن الله له في الشفاعة، والله لا يأذن بالشفاعة لأحد من أهل الكفر، وأنتم أهل كفر فكيف تعبدون من تعبدون من دون الله زعماً منكم أنكم تعبدونه ليقربكم إلى الله وليشفع لكم عند ربكم، " فَمَنْ " على هذا التأويل للمشفوع له، والتقدير: إلا لمن أذن له أن يشفع فيه.

وقيل: هي للشافع - يراد به الملائكة، أي لمن أذن له أن يشفع في غيره من الملائكة مثل قوله:وَلاَ يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ٱرْتَضَىٰ } [الأنبياء: 28].

قيل: من قال لا إله إلا الله.

السابقالتالي
2 3