الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱدْعُوهُمْ لآبَآئِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ ٱللَّهِ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوۤاْ آبَاءَهُمْ فَإِخوَانُكُمْ فِي ٱلدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَآ أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَـٰكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً } * { ٱلنَّبِيُّ أَوْلَىٰ بِٱلْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَأُوْلُواْ ٱلأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَىٰ بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ ٱللَّهِ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُهَاجِرِينَ إِلاَّ أَن تَفْعَلُوۤاْ إِلَىٰ أَوْلِيَآئِكُمْ مَّعْرُوفاً كَانَ ذَلِكَ فِي ٱلْكِتَابِ مَسْطُوراً } * { وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ ٱلنَّبِيِّيْنَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِن نُّوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَى ٱبْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِّيثَاقاً غَلِيظاً }

قوله تعالى ذكره: { ٱدْعُوهُمْ لآبَآئِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ ٱللَّهِ } إلى قوله: { مِّيثَاقاً غَلِيظاً }.

أي: انسبوا أدعياءكم إلى آبائهم فهو أعدل عند الله.

{ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوۤاْ آبَاءَهُمْ } أي: تعرفوا أسماء آبائهم فتنسبوهم إليهم.

{ فَإِخوَانُكُمْ فِي ٱلدِّينِ } أي: فهم إخوانكم في الدين إذا كانوا أهل ملتكم.

{ وَمَوَالِيكُمْ } أي: وهم مواليكم أي: أوليائهم، أي بنو عمكم.

ثم قال تعالى: { وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَآ أَخْطَأْتُمْ بِهِ } أي: لا إثم عليكم في الخطإ يكون منكم في نسب من تنسبونه إلى غير أبيه إن كنتم ترون أنه أبوه، وليس بأبيه.

{ وَلَـٰكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ }. أي: ولكن الإثم عليكم فيما تعمدتم من ذلك فنسبتم الرجل إلى غير أبيه متعمدين ذلك، هذا معنى قول قتادة ومجاهد وغيرهما.

و " ما " في موضع جر عطف على " ما " الأولى.

ويجوز أن تكون في موضع رفع على خبر ابتداءٍ محذوف، والتقدير: ولكن الذي تأثمون فيه ما تعمدت قلوبكم.

وقد أجرى بعض الفقهاء الفتيا في غير التعمد على ظاهرة هذه الآية، فجعلها عامة في كل شيء لم يتعمده فاعله.

قال عطاء: إذا حلف رجل أنه لا يفارق غريمه حتى يستوفي حقه، فأخذ منه ما يرى أنه حقه فوجدها زائدة أو ناقصة، إنه لا شيء عليه لأنه لم يتعمد. وكذا إذا حلف أنه لا يسلم على فلان فسلم عليه وهو لا يعلم، إنه لا حنث عليه لأنه لم يتعمد ذلك. وأكثر الفقهاء على خلافه، فالآية عندهم مخصوصة في هذا بعينه. إنما كان هذا قبل النهي عندهم، أو في دعاء الرجل الرجل لغير أبيه مخطئاً. فهي مخصوصة في أحد الحكمين لا عامة في كل ما لم يتعمد الإنسان، دليله ما أوجبه الله جل ذكره / على القاتل خطأ.

ثم قال: { وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُوراً } أي ذا ستر على ذنب من دعا إنساناً بغير اسم أبيه وهو لا يعلم.

ومن قال: إن الآية مخصوصة فيما كان قبل النهي، أو هي مخصوصة في أن يدعو الإنسان الرجل إلى أب وهو عنده أبوه، وليس هو كذلك، لم يقف على " ومواليكم " لأن ما بعده متصل به، ومن جعل { وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَآ أَخْطَأْتُمْ بِهِ } عاماً في هذا وغيره جعله مستأنفاً، حسن الوقف على { وَمَوَالِيكُمْ } ، ثم استأنف ما بعده لأنه عام.

فإذا جعلت (ما) في موضع خفض لم تقف على { فِيمَآ أَخْطَأْتُمْ بِهِ } [لأن ما بعده معطوف عليه.

فإن جعلت (ما) في موضع رفع على ما تقدم وقفت على " أخطأتم به " ].

ثم تستأنف: { وَلَـٰكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ }.

ثم قال تعالى ذكره: { ٱلنَّبِيُّ أَوْلَىٰ بِٱلْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ }.

السابقالتالي
2 3