الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَدْخُلُواْ بُيُوتَ ٱلنَّبِيِّ إِلاَّ أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَىٰ طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَـكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَٱدْخُلُواْ فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَٱنْتَشِرُواْ وَلاَ مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَٰلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي ٱلنَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ وَٱللَّهُ لاَ يَسْتَحْيِي مِنَ ٱلْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَٱسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَآءِ حِجَابٍ ذٰلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تؤْذُواْ رَسُولَ ٱللَّهِ وَلاَ أَن تَنكِحُوۤاْ أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذٰلِكُمْ كَانَ عِندَ ٱللَّهِ عَظِيماً } * { إِن تُبْدُواْ شَيْئاً أَوْ تُخْفُوهُ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً } * { لاَّ جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِيۤ آبَآئِهِنَّ وَلاَ أَبْنَآئِهِنَّ وَلاَ إِخْوَانِهِنَّ وَلاَ أَبْنَآءِ إِخْوَانِهِنَّ وَلاَ أَبْنَآءِ أَخَوَاتِهِنَّ وَلاَ نِسَآئِهِنَّ وَلاَ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ وَٱتَّقِينَ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً } * { إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلاَئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِيِّ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلِّمُواْ تَسْلِيماً }

قوله تعالى ذكره: { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَدْخُلُواْ بُيُوتَ ٱلنَّبِيِّ } إلى قوله: { وَسَلِّمُواْ تَسْلِيماً }.

المعنى: أن الله جل ذكره أمر أصحاب النبي عليه السلام ألا يدخلوا عليه إلا أن يأذن لهم إلى طعام لم يكونوا منتظرين وقته وإدراكه.

وإنّاه مصدر أنَّى يَأْتِي إِنّاً وَإِنْياً وَأَنًّا ممدود، وفيه لغة أخرى، يقال: أن يَئين أنْياً، ويقال في معناه: نَالَ لكَ وأنَالَ لكَ. ومعنى آن: حان. " وغير " منصوب على الحال من الكاف والميم في " لكم " ، ولا يحسن خفضه على النعت لطعام لأنه لا يلزم منه إظهار الضمير، فتقول: غير ناظرين أنتم إناه، لأن اسم الفاعل إذا جرى صفة على غير من هو له، أو خبراً لم يكن بد من إظهار الضمير الذي فيه. والمعنى غير منتظرين حينه ونضجه.

ثم قال: { وَلَـكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَٱدْخُلُواْ } أي: إذا دعاكم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيته لطعام فادخلوا.

{ فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَٱنْتَشِرُواْ } أي: فتفرقوا إذا أكلتم من بيته.

{ وَلاَ مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ } أي: لا متحدثين بعد فراغكم من أكلكم.

وكان نزول هذه الآية في قول أكلوا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في وليمة زينب بنت جحش، ثم جلسوا يتحدثون في مجلس رسول الله، ولرسول الله إلى أهله حاجة، فمنعه الحياء أن يأمرهم بالخروج من منزله.

روى معنى ذلك أنس بن مالك، قال أنس: وكان قد أَوْلَمَ رسول الله بتمر وسَوِيقٍ.

وكان أنس ذلك اليوم ابن عشر سنين.

وروي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أمر نساء النبي صلى الله عليه وسلم بالحجاب، فقالت زينب: يا ابن الخطاب إنك لتغار علينا والوحي ينزل في بيوتنا، فأنزل الله جل ذكره: { وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَٱسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَآءِ حِجَابٍ }.

وهذا أدب لأصحاب النبي عليه السلام ولمن بعدهم.

وقال قتادة: كان هذا في بيت أم سلمة أكلوا وأطالوا الحديث، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يدخل ويخرج، ويستحي منهم والله لا يستحي من الحق.

ثم قال: { إِنَّ ذَٰلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي ٱلنَّبِيَّ } أي: دخولكم في بيت النبي من غير أن يؤذن لكم، وجلوسكم فيها مستأنسين لحديث بعد فراغكم من أكل الطعام الذي دعيتم له كان يؤذي النبي فيستحي منكم أن يخرجكم منها. وأن يمنعكم من الدخول إذا دخلتم بغير إذن مع كراهته لذلك منكم. { وَٱللَّهُ لاَ يَسْتَحْيِي مِنَ ٱلْحَقِّ } أن يبينه لكم.

ثم قال: { وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَٱسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَآءِ حِجَابٍ } أي: وإذا سألتم أزواج النبي صلى الله عليه وسلم طعاماً أو غيره فخاطبوهن من وراء حجاب، أي: من وراء ستر / ولا تدخلوا عليهن بيوتهن.

ثم قال جل ذكره: { ذٰلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ } أي: مخاطبتكم لهن من وراء حجاب أطهر لقلوبكم، وقلوبهن من عوارض الفتن.

السابقالتالي
2 3