الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ مَّا كَانَ عَلَى ٱلنَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ ٱللَّهُ لَهُ سُنَّةَ ٱللَّهِ فِي ٱلَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ ٱللَّهِ قَدَراً مَّقْدُوراً } * { ٱلَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاَتِ ٱللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلاَ يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلاَّ ٱللَّهَ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ حَسِيباً } * { مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَآ أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَـٰكِن رَّسُولَ ٱللَّهِ وَخَاتَمَ ٱلنَّبِيِّينَ وَكَانَ ٱللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً } * { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً } * { وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً } * { هُوَ ٱلَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلاَئِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِّنَ ٱلظُّلُمَاتِ إِلَى ٱلنُّورِ وَكَانَ بِٱلْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً } * { تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلاَمٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْراً كَرِيماً } * { يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ إِنَّآ أَرْسَلْنَٰكَ شَٰهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً } * { وَدَاعِياً إِلَى ٱللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُّنِيراً } * { وَبَشِّرِ ٱلْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِّنَ ٱللَّهِ فَضْلاً كَبِيراً } * { وَلاَ تُطِعِ ٱلْكَافِرِينَ وَٱلْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّـلْ عَلَى ٱللَّهِ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَكِـيلاً } * { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِذَا نَكَحْتُمُ ٱلْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً }

قوله تعالى: ذكره { مَّا كَانَ عَلَى ٱلنَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ } إلى قوله: { سَرَاحاً جَمِيلاً }.

أي ليس على محمد صلى الله عليه وسلم إثم في نكاح امرأة من تبناه بعد فراقه إياها.

قال قتادة: ما فرض الله له، أي ما أحل الله. وفي الكلام معنى المدح كقوله:مَا عَلَى ٱلْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ } [التوبة: 91] ثم قال: { سُنَّةَ ٱللَّهِ فِي ٱلَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلُ }. انتصبت " سُنَّة " على المصدر، والفاعل فيه ما قبله لأنه بمعنى سن الله له ذلك سنَّة، والمعنى لا إثم عليه في ذلك كما لا إثم فيه على من خلا قبله من النبيئين فيما أحل الله لهم.

قال الطبري في معناه: لم يكن الله لِيُؤُثِمَ نبيه فيما أحل الله له مثالَ فِعْلِه بمن قَبْلَهُ مِنَ الرسل. ثم قال: { وَكَانَ أَمْرُ ٱللَّهِ قَدَراً مَّقْدُوراً } أي: قضاء مقضياً. [وقيل: قَدَرُ أحَدٍ قَدَّرَهُ وَكَتَبَهُ قبل خلق الأشياء كلها مقدوراً] أي أنه ستكون الأشياء على ما تقدّم في علمه. ولا تقف على: { فَرَضَ ٱللَّهُ لَهُ } لأن " سنة " انتصبت على عامل قام ما قبلها مقامه.

ثم قال تعالى: { ٱلَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاَتِ ٱللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ } أي: سنة الله في الذين خلوا من قبل محمد من الرسل الذين يبلغون رسالات الله إلى من أُرْسِلوا إليه. { وَيَخْشَوْنَهُ }: أي: يخافون الله.

{ وَلاَ يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلاَّ ٱللَّهَ } أي: لا يخافون غيره، فَمِن هؤلاء فَكُن يا محمد، فإن الله يمنع منك وينصرك كما فعل بمن قبلك من الرسل.

" الذين " بدل من " الدين " في قوله: { سُنَّةَ ٱللَّهِ فِي ٱلَّذِينَ } أو نعت لهم أو عطف بيان.

ثم قال: { وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ حَسِيباً } أي: وكفاك يا محمد حافظاً لأعمال خلقه ومحاسباً لهم عليها.

ويجوز أن يكون (حسيب) بمعنى محاسب، كما تقول آكِيلٌ وشَرِيب، معنى مُواكِل وُمَشَارِب. ويجوز أن يكون بمعنى محسب، أي مكف كما قالوا السميع بمعنى المسمع وأليم بمعنى مؤلم. يقال: أحسبني الشيء بمعنى كفاني.

ثم قال تعالى: { مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَآ أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ } أي: لم يكن محمد أبا زيد ابن حارثة، ولا أباً لغيره لأنه لم يكن له ابن وقت نزول هذه الآية.

قال قتادة: نزلت في زيد بن حارثة أنه لم يكن بابنه، ولعمري لقد ولد له ذكور وإنه لأبو القاسم وإبراهيم والمطهر. فالمعنى على هذا: لم يكن محمد أباً لِمَنْ تَبَنَّى من رجالكم، ولكنه أبو أمته في التبجيل والتعظيم.

ثم قال تعالى: { وَلَـٰكِن رَّسُولَ ٱللَّهِ } أي: ولكن كان رسول الله. { وَخَاتَمَ ٱلنَّبِيِّينَ } أي: آخرهم. هذا على قراءة من فتح التاء. ومن كسرها فمعناها: أي طبع على النبوة فلا تفتح لأحد بعده.

السابقالتالي
2 3 4