الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰنِسَآءَ ٱلنَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا ٱلْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيراً } * { وَمَن يَقْنُتْ مِنكُنَّ للَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحاً نُؤْتِهَـآ أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقاً كَرِيماً } * { يٰنِسَآءَ ٱلنَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ ٱلنِّسَآءِ إِنِ ٱتَّقَيْتُنَّ فَلاَ تَخْضَعْنَ بِٱلْقَوْلِ فَيَطْمَعَ ٱلَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْرُوفاً } * { وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ ٱلْجَاهِلِيَّةِ ٱلأُولَىٰ وَأَقِمْنَ ٱلصَّلاَةَ وَآتِينَ ٱلزَّكَـاةَ وَأَطِعْنَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُـمُ ٱلرِّجْسَ أَهْلَ ٱلْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيـراً }

قوله تعالى ذكره: { يٰنِسَآءَ ٱلنَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ } إلى قوله: { وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيـراً }.

قال الطبري: الفاحشة هنا الزنا.

{ يُضَاعَفْ لَهَا ٱلْعَذَابُ } أي: على فعلها، وذلك في الآخرة.

{ ضِعْفَيْنِ } أي: على عذاب أزواج غير النبي عليه السلام إذا أتين بفاحشة. وقيل: إذا أتت الفاحشة المبينة فهي عصيان الزوج ومخالفته، وكذلك معناها في هذه الآية لا الزنى.

فإذا أتت الفاحشة بالألف واللام فهي الزنى واللواط.

وإذا أتت نكرة غير منعوتة ببينة فهي تصلح للزنا وغيره من الذنوب.

قال قتادة: يعني عذاب الدنيا وعذاب الآخرة.

وقال ابن عباس: يعني به عذاب الآخرة.

وقال أبو عبيدة: { يُضَاعَفْ لَهَا ٱلْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ } يجعل ثلاثة أضعاف، أي: ثلاثة أعذبة.

وقال أبو عمرو: { يُضَاعَفْ } للمرار الكثيرة ويَضَعَّفُ مرتين.

ولذلك قرأ " يُضَعَّفُ ".

وأكثر أهل اللغة على خلافها لأن يضاعف ضعفين ويضعف ضعفين واحد، بمعنى مثلين كما تقول: إن دفعت إلي درهماً دفعت إليك ضعفيه، أي مثليه يعني درهمين، ويدل على صحة هذا قوله: { نُؤْتِهَـآ أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ } فلا يكون العذاب أكثر من الأجر، وقد قال تعالى:[رَبَّنَآ] آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ ٱلْعَذَابِ } [الأحزاب: 68] أي مثلين.

ثم قال تعالى: { وَمَن يَقْنُتْ مِنكُنَّ للَّهِ وَرَسُولِهِ } أي: ومن / يطع منكن الله ورسوله وتعمل بما أمرها الله به، { نُؤْتِهَـآ أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ } أي ثواب عملها مثلي ثواب غيرها من نساء المؤمنين.

{ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقاً كَرِيماً } أي في الآخرة، يعني به: في الجنة.

ثم قال تعالى: { يٰنِسَآءَ ٱلنَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ ٱلنِّسَآءِ إِنِ ٱتَّقَيْتُنَّ } أي: لستن في الفضل والمجازاة كأحد من نساء هذه الأمة، إن اتقيتن الله بالطاعة له ولرسوله.

ووقع أحد في موضع واحدة لأنه أعم إذ يقع على المؤنث والمذكر الواحد والجمع بلفظ واحد.

فقوله: { فَلاَ تَخْضَعْنَ بِٱلْقَوْلِ } أي: لا تُلِنَّ القول للرجال.

{ فَيَطْمَعَ ٱلَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ } أي: شك ونفاق، أي يطمع في الفاحشة استخفافاً بحدود الله.

قال عكرمة { فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ } أي شهوة الزنا.

قال قتادة: { مَرَضٌ } نفاق.

ثم قال تعالى: { وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْرُوفاً } أي: قولاً أَذِنَ الله لكن فيه وأباحه لكن.

قال ابن زيد: معناه: قولاً جميلاً معروفاً في الخير.

ثم قال: { وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ } أي: اثبتن في بيوتكن.

هذا على مذهب من قرأ بكسر القاف، يكون عند الفراء وأبي عبيد من الوقار، يقال وَقَرَ يَقِرُّ وُقُوراً إذا ثبت في منزله.

وقيل: هو من قَرَّ في المكان إذا ثبت أيضاً، فيكون الأصل: واقْرِرْنَ فحذفت الراء الثانية استثقالاً للتضعيف، وألقيت حركة الأولى الباقية على القاف فاستغني عن ألف الوصل، فصار وَقِرْنَ كما تقول ظِلْتُ أفعل بكسر الظاء.

فأما قراءة من فتح القاف، وهي قراءة نافع وعاصم، فهي لغة لأهل الحجاز، يقولون: قَرَرْتُ بالمكان أَقَرَّ، بمنزلة قَرِرْتُ به عيناً أَقَرُّ، حكاه أبو عبيد في " المصنف " عن الكسائي.

السابقالتالي
2 3