الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ يَٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ ٱتَّقِ ٱللَّهَ وَلاَ تُطِعِ ٱلْكَافِرِينَ وَٱلْمُنَافِقِينَ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً } * { وَٱتَّبِعْ مَا يُوحَىٰ إِلَـيْكَ مِن رَبِّكَ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً } * { وَتَوَكَّلْ عَلَىٰ ٱللَّهِ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَكِيلاً } * { مَّا جَعَلَ ٱللَّهُ لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ ٱللاَّئِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَآءَكُمْ أَبْنَآءَكُمْ ذَٰلِكُمْ قَوْلُكُم بِأَفْوَاهِكُمْ وَٱللَّهُ يَقُولُ ٱلْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي ٱلسَّبِيلَ }

قوله تعالى ذكره: { يَٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ ٱتَّقِ ٱللَّهَ } إلى قوله: { وَهُوَ يَهْدِي ٱلسَّبِيلَ }.

النبي عند جميع النحويين نعت لأي، إلا الأخفش فإنه جعله صلة لأي. وهو غلط لأن الصلة لا تكون إلا في جملة.

وأكثر النحويين على منع جواز النصب في { ٱلنَّبِيُّ } لأنه نعت لا بد منه، فهو المقصود بالنداء.

وأجاز بعضهم النصب على الموضع، وهذا في الكلام لا في القرآن.

والمعنى: يا أيها النبي اثبت على تقوى الله، لأنه كان متقياً.

وقيل: هو مخاطبة للنبي والمراد به أمته.

ثم قال تعالى: { وَلاَ تُطِعِ ٱلْكَافِرِينَ وَٱلْمُنَافِقِينَ }.

إن جعلته خطاباً للنبي صلى الله عليه وسلم خاصة فمعناه: لا تطعهم في قولهم لك: اصرف عنا أتباعك من فقراء المؤمنين حتى نجالسك، ولا تطع المنافقين الذين يظهرون لك الإيمان والنصيحة وهم لا يسألونك وأصحابك خبالاً فلا تقبل لهم رأياً.

ومن جعله خطاباً للنبي صلى الله عليه وسلم والمراد به أمته فمعناه: لا تطيعوهم فيما نهيتم عنه فتفعلوه / ولا فيما أمرتم به فتتركوه.

{ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيماً } أي: بخلقه وما في نفوسهم واعتقادهم.

{ حَكِيماً } في تدبيره إياهم.

ثم قال: { وَٱتَّبِعْ مَا يُوحَىٰ إِلَـيْكَ مِن رَبِّكَ } أي: اعمل بما ينزل إليك من وحي الله.

{ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً } أي: ذو خبر وعلم بأعمالكم في هذا القرآن وفي غيره. ومن قرأه بالياء رده على المنافقين والكافرين، أي بما يعمل هؤلاء خبيراً.

ثم قال تعالى ذكره { وَتَوَكَّلْ عَلَىٰ ٱللَّهِ } أي: فوض أمرك إلى الله.

{ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَكِيلاً } أي: وحسبك بالله في أمرك حفيظاً.

ثم قال تعالى: { مَّا جَعَلَ ٱللَّهُ لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِه }.

هذا تكذيب لقوم من المنافقين زعموا أن النبي صلى الله عليه وسلم ذو قلبين. قاله ابن عباس.

وعن ابن عباس أيضاً أنه نزلت في رجل من قريش يسمى من حدة ذهنه ذا القلبين فنفى الله ذلك عنه.

وقال مجاهد: قال رجل من بني فهر: إن في جوفي قلبين، أعقل بكل واحد منهما أفضل من عقل محمد، فكذبه الله.

وقال الحسن: كان رجل يقول: لي نفس تأمرني ونفس تنهاني، فأنزل الله فيه ما تسمعون.

وقال قتادة وعكرمة: كان رجل يمسى ذا القلبين، فأنزل الله فيه هذه الآية.

وعن قتادة أنه قال: كان رجل لا يسمع شيئاً إلا وعاه، فقال الناس: ما يعي هذا إلا أن له قلبين، فكان يسمى ذا القلبين فأنزل الله ذلك ونفاه.

وقال الزهري: نزلت في زيد بن حارثة. ضرب الله له مثلاً يقول: ليس ابن رجل هو ابنك يا محمد.

وقيل: المعنى: ما جعل الله لرجل قلباً يحب به، وقلباً يبغض به، وقلباً يكفر به، وقلباً يؤمن به.

السابقالتالي
2