الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ أَفَمَن كَانَ مُؤْمِناً كَمَن كَانَ فَاسِقاً لاَّ يَسْتَوُونَ } * { أَمَّا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ ٱلْمَأْوَىٰ نُزُلاً بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } * { وَأَمَّا ٱلَّذِينَ فَسَقُواْ فَمَأْوَاهُمُ ٱلنَّارُ كُلَّمَآ أَرَادُوۤاْ أَن يَخْرُجُواُ مِنْهَآ أُعِيدُواْ فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُواْ عَذَابَ ٱلنَّارِ ٱلَّذِي كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ } * { وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِّنَ ٱلْعَذَابِ ٱلأَدْنَىٰ دُونَ ٱلْعَذَابِ ٱلأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } * { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَآ إِنَّا مِنَ ٱلْمُجْرِمِينَ مُنتَقِمُونَ } * { وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى ٱلْكِتَابَ فَلاَ تَكُن فِي مِرْيَةٍ مِّن لِّقَآئِهِ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِّبَنِيۤ إِسْرَائِيلَ } * { وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُواْ وَكَانُواْ بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ } * { إِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ ٱلْقَيَامَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ } * { أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِمْ مِّنَ ٱلْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ أَفَلاَ يَسْمَعُونَ }

قوله تعالى ذكره: { أَفَمَن كَانَ مُؤْمِناً كَمَن كَانَ فَاسِقاً } إلى قوله: { أَفَلاَ يَسْمَعُونَ }.

أي: أيكون الكافر المكذب كالمؤمن المصدق، لا يستوون عند الله.

قال قتادة: لا والله ما يستوون في الدنيا ولا في الآخرة ولا عند الموت. وإنما جمع يستوون لأن " مَنْ " تؤدي عن جمع فحمله على المعنى.

وقيل: إن المراد به اثنان بأعيانهما، وذلك أن الآية نزلت في قول ابن عباس وعطاء وغيرها في المدينة في علي بن أبي طالب رضي الله عنه، والوليد بن عقبة بن أبي معيط قال عطاء: كان بين الوليد وعلي كلام، فقال / [الوليد] " أنا أبْسطُ منك لساناً وأحَدُّ منك سِنَاناً، فقال له علي [اسكت] فإنك فاسق، فنزلت { أَفَمَن كَانَ مُؤْمِناً } الآية فيهما.

فيكون يستوون على هذا قد جمع في موضع التثنية، لأن التثنية جمع في الأصل. ويجوز أن تكون لما نزلت في اثنين بأعيانهما، ثم هي عامة في جميع الكفار والمؤمنين حمل الكلام على معنى العموم، فجمع يستوون لذلك.

ثم قال تعالى [ذكره] { أَمَّا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ ٱلْمَأْوَىٰ } أي: الذين صدقوا الله ورسوله وعملوا ما أمرهم الله ورسوله فلهم بساتين المساكن التي يسكنونها في الجنة ويأوون إليها.

ويجوز أن يكون التقدير: فلهم بساتين جنة المأوى.

{ نُزُلاً بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } أي: أنزلهم الله فيها نزلاً بعملهم.

ثم قال: { وَأَمَّا ٱلَّذِينَ فَسَقُواْ } أي: كفروا بالله.

{ فَمَأْوَاهُمُ ٱلنَّارُ } أي: مساكنهم في النار في الآخرة.

ثم قال: { كُلَّمَآ أَرَادُوۤاْ أَن يَخْرُجُواُ مِنْهَآ أُعِيدُواْ فِيهَا }. قد تقدم هذا في " الحج ".

ثم قال: { وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُواْ عَذَابَ ٱلنَّارِ ٱلَّذِي كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ } أي: في الدنيا.

ثم قال [تعالى]: { وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِّنَ ٱلْعَذَابِ ٱلأَدْنَىٰ } أي: لنذيقن هؤلاء الفسقة من مصائب الدنيا في الأنفس والأموال في الدنيا دون عذاب النار في الآخرة. قاله ابن عباس وأُبي بن كعب والضحاك.

وقال ابن مسعود: " العذاب الأدنى " يوم بدر.

وقال مجاهد: هو الجوع والقتل لقريش في الدنيا. روي أنهم جاعوا حتى أكلوا العِلْهِزَ، وهو القُرَدُ يفقأ دمها في الوبر ويحمل على النار فيؤكل.

وعن ابن عباس أيضاً: أنه الحدود.

وعن مجاهد أيضاً: أنه عذاب القبر وعذاب الدنيا.

وأكثرهم على أن العذاب الأكبر عذاب يوم القيامة في النار.

وقيل: هو القتل يوم بدر.

ثم قال تعالى: { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَآ }.

أي: لا أحد أظلم لنفسه ممن وعظ بحجج الله وآي كتابه فأعرض عن ذلك وكذب به.

ثم قال: { إِنَّا مِنَ ٱلْمُجْرِمِينَ مُنتَقِمُونَ } أي: من الذين اكتسبوا السيئات منتقمون في الآخرة.

وقيل: عني بالمجرمين [هنا] أهل القدر، وكذلك قوله:

السابقالتالي
2 3