الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ ٱلْمَوْتِ ٱلَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ } * { وَلَوْ تَرَىٰ إِذِ ٱلْمُجْرِمُونَ نَاكِسُواْ رُءُوسِهِمْ عِندَ رَبِّهِمْ رَبَّنَآ أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَٱرْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ } * { وَلَوْ شِئْنَا لآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَـٰكِنْ حَقَّ ٱلْقَوْلُ مِنِّي لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ ٱلْجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ أَجْمَعِينَ } * { فَذُوقُواْ بِمَا نَسِيتُمْ لِقَآءَ يَوْمِكُمْ هَـٰذَآ إِنَّا نَسِينَاكُمْ وَذُوقُـواْ عَذَابَ ٱلْخُلْدِ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } * { إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا ٱلَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُواْ بِهَا خَرُّواْ سُجَّداً وَسَبَّحُواْ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ } * { تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ ٱلْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ } * { فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّآ أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَآءً بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }

قوله تعالى ذكره: { قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ ٱلْمَوْتِ } إلى قوله: { جَزَآءً بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }.

أي: قل يا محمد لهؤلاء المنكرين للبعث: يتوفاكم ملك الموت.

أي: يستوفي عددكم بقبض أرواحكم، ثم إلى ربكم بعد قبض أرواحكم تردون يوم القيامة فيجازيكم بأعمالكم.

قال قتادة: ملك الموت يتوفاكم ومعه أعوان من الملائكة. ودليله قوله تعالى:تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لاَ يُفَرِّطُونَ } [الأنعام: 61]. وملك الموت اسمه: عزرائيل، وهو بالعربية عبد الجبار صلى الله عليه وسلم، وعلى جميع الملائكة والنبيئين والمرسلين.

قال مجاهد: جوبت لملك الموت الأرض، فجعلت له مثل الطست يتناول منها حيث يشاء.

ثم قال تعالى: { وَلَوْ تَرَىٰ إِذِ ٱلْمُجْرِمُونَ نَاكِسُواْ رُءُوسِهِمْ عِندَ رَبِّهِمْ }.

أي: لو رأيت يا محمد هؤلاء المنكرين للبعث ناكسوا رؤوسهم عند ربهم حياء منه للذي سلف من كفرهم وإنكارهم للبعث يقولون: { رَبَّنَآ أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا }.

أي: أبصرنا ما كنا نكذب به من عذابك، ومعادنا إليك، وسمعنا منك، وتصديق ما كانت الرسل تأتنا به وتأمرنا به.

{ فَٱرْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً } أي: أرددنا إلى الدنيا نعمل فيها / بطاعتك.

{ إِنَّا مُوقِنُونَ } أي: قد أيقنا الآن ما كنا به في الدنيا جهالاً من توحيدك وإفرادك بالعبادة.

وقيل: المخاطبة هنا للمجرمين.

والمعنى: قل يا محمد للمجرم: لو ترى إذ المجرمون ناكسوا رؤوسهم عند ربهم لندمت على ما كان منك.

وجواب لو محذوف، والتقدير: لرأيت ما تعتبر به اعتباراً شديداً.

ومعنى: { رَبَّنَآ أَبْصَرْنَا } أي: يقولون يا ربنا أبصرنا ما كنا نكذب به.

ثم قال تعالى: { وَلَوْ شِئْنَا لآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا } أي: رشدها وتوفيقها إلى الإيمان، وهذا مثل قوله:لَهَدَى ٱلنَّاسَ جَمِيعاً } [الرعد: 31]. ولَجَعَلَ ٱلنَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً } [هود: 118].

{ وَلَـٰكِنْ حَقَّ ٱلْقَوْلُ مِنِّي } أي: وجب العذاب مني.

{ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ ٱلْجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ } يعني: من أهل الكفر والمعاصي.

وروى ابن وهب وابن القاسم عن مالك أنه قال: سألني رجل أمس عن القدر؟ فقلت له: نعم قال الله عز وجل في كتابه { وَلَوْ شِئْنَا لآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا } إلى (قوله): { أَجْمَعِينَ } حقت كلمة ربك لأملأن جهنم منهم، فلا بد أن يكون ما قال:

قال قتادة: لو شاء الله لهدى الناس جميعاً، لو شاء لأنزل عليهم آية من السماء تضطرهم إلى الإيمان. فالمعنى: لو شئنا لأعطينا كل إنسان توفيقاً يهتدي إلى الإيمان في الدنيا.

وقيل المعنى: لو شئنا لرددناهم إلى الدنيا كما سألوا فيعملوا بالطاعة. ولكن حقَّ القول مني لأعذبنَّ من عصاني، وقد علم الله أنهم لو ردوا لعادوا إلى كفرهم كما قال في " الأنعام ".

ثم قال تعالى (ذكره): { فَذُوقُواْ بِمَا نَسِيتُمْ لِقَآءَ يَوْمِكُمْ هَـٰذَآ } أي ذوقوا عذاب الله بترككم العمل للقاء يومكم.

السابقالتالي
2 3