الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ الۤـمۤ } * { تِلْكَ آيَاتُ ٱلْكِتَابِ ٱلْحَكِيمِ } * { هُدًى وَرَحْمَةً لِّلْمُحْسِنِينَ } * { ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ ٱلزَّكَاةَ وَهُمْ بِٱلآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ } * { أُوْلَـٰئِكَ عَلَىٰ هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ وَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ } * { وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ ٱلْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُواً أُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ }

قوله تعالى ذكره: { الۤـمۤ * تِلْكَ آيَاتُ ٱلْكِتَابِ ٱلْحَكِيمِ } إلى قوله: { عَذَابٌ مُّهِينٌ }.

أي: هذه الآيات آيات الكتاب المحكم هادياً وراحماً الله به من آمن بالله وكتبه ورسله. وإن رفعت " رحمة ". فالتقدير هو هدى ورحمة لمن أحسن لنفسه فآمن بالله وكتبه ورسله.

ثم قال: { ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلاَةَ } أي: يقيمونها بحدودها في أوقاتها.

{ وَيُؤْتُونَ ٱلزَّكَاةَ } أي: التي افترض الله عليهم.

{ وَهُمْ بِٱلآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ } أي: يصدقون بالبعث بعد الموت والجزاء.

ثم قال تعالى: { أُوْلَـٰئِكَ عَلَىٰ هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ } أي: على إيمان.

{ وَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ } أي: الباقون في النعيم / الفائزون.

ثم قال جل ذكره: { وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ ٱلْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ }.

قال قتادة: معناه: من يختاره ويستحسنه يعني الغناء.

وروي عنه أنه قال: لعله لا ينفق فيه مالاً ولكن اشتراؤه استحبابه. وكذلك قال مطرف.

وقال ابن مسعود في الآية: " الغِنَاءُ والله الذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ، يُرَدِّدُهَا ثَلاَثَ مَرَّاتٍ ".

" والغِنَاءُ يُنْبِتُ فِي الْقَلْبِ النِّفَاق ".

وقال ابن عباس: " هُوَ الرَّجُلُ يَشْتَرِي الجَارِيَّةَ المُغَنِّيَة تُغَنِّيهِ لَيْلاً وَنَهاراً ".

وروى أبو أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " لاَ يَحِلُّ بَيْعُ المُغَنِّيَاتِ وَلاَ شِرَاؤُهُنَّ وَلاَ التِّجَارَةُ بِِهِنَّ وَلاَ أَثْمَانُهُنَّ، وَفِيهِنَّ نَزَلَتْ هَذِهِ الآية " وَمِنَ النَّاسِ... " ".

روى أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " مَنْ جَلَسَ إِلَى قَيْنَةٍ يَسْتَمِعُ مِنْهَا صُبَّ فِي أُذُنَيْهِ الآنُكُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ".

وروى مالك عن ابن المنكدر أنه قال: " إِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: " أَيْنَ الذِينَ كَانُوا يُنَزِّهُونَ أَسْمَاعُهُمْ وَأَنْفُسَهُمْ عَنِ اللَّهْوِ وَمَزَامِيرِ الشَّيْطَانِ، أَدْخِلُوهُمْ فِي رِيَّاضِ المِسْكِ. ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلاَئِكَةِ: أَسْمِعُوهُمْ حَمْدِي وَثَنَاءً عَلَي وَأَخْبِرُوهُمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ " ".

روت عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " مَنْ مَاتَ وَعِنْدَهُ جَارِيَةٌ مُغَنِّيَةٌ فَلاَ تُصَلُّوا عَلَيْهِ " رواه مكحول عنها.

وقال ابن عمر: هو الغناء، وكذلك قال عكرمة ومكحول وغيرهم.

والتقدير على هذا: ومن الناس من يشتري ذات لهو أو ذا لهو.

وعن الضحاك: إن لهو الحديث: الشرك. ورواه عنه جويبر أنه قال: الغناءُ مَهْلَكَةٌ للمال مَسْخَطَةٌ للرب مَعْمَاة للقلب.

وسئل القاسم بن محمد عنه فقال: الغناء باطل، والباطل في النار.

وقال معمر: هذه الآية نزلت في النضر بن الحارث كان يشتري الكتب التي فيها أخبار فارس والروم، ويقول: محمد يحدثكم عن عاد وثمود وأنا أحدثكم عن فارس والروم، ويستهزئ بالقرآن إذا سمعه.

وروى ابن جريج عن مجاهد في لهو الحديث: أنه الطبل.

ثم قال: { لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ } أي: عن دين الله، وما يقرب إليه.

وقال ابن عباس: عن القرآن وَذِكْرِ الله، وهو رجل من قريش اشترى جارية مغنية.

وقوله: { بِغَيْرِ عِلْمٍ } أي: جعلا منه بأمر الله فعل ذلك.

ثم قال: { وَيَتَّخِذَهَا هُزُواً } أي: ويتخذ سبيل الله هزؤاً. قاله مجاهد.

وقال قتادة: ويتخذ الآيات هُزُؤاً.

{ أُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ } أي: في الآخرة.