الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ أَوَلَمْ يَسيرُواْ فِي ٱلأَرْضِ فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَانُوۤاْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُواْ ٱلأَرْضَ وَعَمَرُوهَآ أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا وَجَآءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِٱلْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَـٰكِن كَانُوۤاْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ } * { ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ ٱلَّذِينَ أَسَاءُواْ ٱلسُّوۤأَىٰ أَن كَذَّبُواْ بِآيَاتِ ٱللَّهِ وَكَانُواْ بِهَا يَسْتَهْزِئُونَ } * { ٱللَّهُ يَبْدَؤُاْ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } * { وَيَوْمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ يُبْلِسُ ٱلْمُجْرِمُونَ } * { وَلَمْ يَكُن لَّهُمْ مِّن شُرَكَآئِهِمْ شُفَعَاءُ وَكَانُواْ بِشُرَكَآئِهِمْ كَافِرِينَ } * { وَيَوْمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ } * { فَأَمَّا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ } * { وَأَمَّا ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَلِقَآءِ ٱلآخِرَةِ فَأُوْلَـٰئِكَ فِي ٱلْعَذَابِ مُحْضَرُونَ } * { فَسُبْحَانَ ٱللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ } * { وَلَهُ ٱلْحَمْدُ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَعَشِيّاً وَحِينَ تُظْهِرُونَ } * { يُخْرِجُ ٱلْحَيَّ مِنَ ٱلْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ ٱلْمَيِّتَ مِنَ ٱلْحَيِّ وَيُحْي ٱلأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ }

قوله تعالى ذكره: { أَوَلَمْ يَسيرُواْ فِي ٱلأَرْضِ فَيَنظُرُواْ } إلى قوله: { وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ }.

أي: أولم يسير هؤلاء المكذبون بالبعث في الأرض / فينظروا إلى آثار الله فيمن كان قبلهم من الأمم المكذبة رسلها، كيف كان عاقبة أمرها، فقد كانوا أشد من هؤلاء قوة، { وَأَثَارُواْ ٱلأَرْضَ } أي: استخرجوها وحدثوها وعمروها أكثر مدة مما عمر هؤلاء الأرض، { وَجَآءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِٱلْبَيِّنَاتِ } فكذبوهم، فأهلكهم الله وما كان الله ليظلمهم بعقابه إياهم على تكذيبهم رسله، { وَلَـٰكِن كَانُوۤاْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ } بمعصيتهم ربهم.

ثم قال تعالى: { ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ ٱلَّذِينَ أَسَاءُواْ ٱلسُّوۤءَىٰ أَن كَذَّبُواْ بِآيَاتِ ٱللَّهِ }.

أي: ثم كان آخر من كفر من هؤلاء الذين أثاروا الأرض السوأى: أي الخلة التي هي أسوأ من فعلهم: البوار والهلاك في الدنيا، والنار في الآخرة خالدين فيها.

قال ابن عباس: السوأى جهنم والحسنى الجنة.

قال قتادة: كان عاقبة الذين أشركوا النار.

والسوآى اسم. وقيل مصدر كالتقوى.

قال مجاهد: السوآى: الإساءة.

ثم قال: { أَن كَذَّبُواْ بِآيَاتِ ٱللَّهِ } أي: عاقبتهم النار لأن كذبوا ومن أجل أن كذبوا بحجج الله ورسله.

{ وَكَانُواْ بِهَا يَسْتَهْزِئُونَ } أي: بحجج الله وأنبيائه يسخرون.

ثم قال تعالى: { ٱللَّهُ يَبْدَأُ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ } أي: ينفرد بإنشاء جميع خلقه من قدرته، ثم يعيده بعد إفنائه له خلقاً جديداً.

{ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } أي: يردون فيجازيهم بأعمالهم.

ثم قال تعالى: { وَيَوْمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ يُبْلِسُ ٱلْمُجْرِمُونَ } أي: واذكر يا محمد يوم تقوم الساعة ييأس الكافرون من كل خير.

وأصل الإبلاس: انقطاع الحجة والسكوت والحيرة.

قال قتادة: " يبلس المجرمون " أي: في النار.

وقال ابن زيد: المبلس الذي قد نزل به الشر.

وقال مجاهد: الإبلاس الفضيحة.

{ وَلَمْ يَكُن لَّهُمْ مِّن شُرَكَآئِهِمْ شُفَعَاءُ }.

أي: ولم يكن للمجرمين من شركائهم في الكفر والمعصية وأذى الرسل شُفَعَاء ينقذونهم من عذاب الله.

وقيل: شركاؤهم هنا الأصنام والأوثان التي عبدوها من دون الله، أضيفت إليهم لأنهم هم اخترعوها وابتدعوا عبادتها.

{ وَكَانُواْ بِشُرَكَآئِهِمْ كَافِرِينَ }.

أي: جاحدون ولا يتهم متبرئين منهم وهو معنى قولهإِذْ تَبَرَّأَ ٱلَّذِينَ ٱتُّبِعُواْ مِنَ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُواْ } [البقرة: 166] الآية.

ثم قال تعالى: { وَيَوْمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ } أي: يتفرق المؤمنون من الكافرين.

قال قتادة: فرقة والله لا اجتماع بعدها.

ثم بين تعالى ما يؤول إليه الافتراق.

فقال: { فَأَمَّا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ }.

أي: هم في الرياض والنبات الملتف بين أنواع الزهر في الجنات يسرون ويلذذون بطيب العيش والسماع.

وذكر الله جل ذكره الروضة لأنهم لم يكن عند العرب شيء أحسن منظراً ولا أطيب نشراً من الرياض وعبقها.

" أما " عند سيبويه: مهما يكن من شيء فالذين آمنوا.

السابقالتالي
2 3