الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذَا مَسَّ ٱلنَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْاْ رَبَّهُمْ مُّنِيبِينَ إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَآ أَذَاقَهُمْ مِّنْهُ رَحْمَةً إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ } * { لِيَكْفُرُواْ بِمَآ آتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُواْ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ } * { أَمْ أَنزَلْنَا عَلَيْهِمْ سُلْطَاناً فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِمَا كَانُواْ بِهِ يُشْرِكُونَ } * { وَإِذَآ أَذَقْنَا ٱلنَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُواْ بِهَا وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ } * { أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّ ٱللَّهَ يَبْسُطُ ٱلرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ وَيَقْدِرُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } * { فَآتِ ذَا ٱلْقُرْبَىٰ حَقَّهُ وَٱلْمِسْكِينَ وَٱبْنَ ٱلسَّبِيلِ ذَلِكَ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ ٱللَّهِ وَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ } * { وَمَآ آتَيْتُمْ مِّن رِّباً لِّيَرْبُوَاْ فِي أَمْوَالِ ٱلنَّاسِ فَلاَ يَرْبُواْ عِندَ ٱللَّهِ وَمَآ آتَيْتُمْ مِّن زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ ٱللَّهِ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُضْعِفُونَ } * { ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِن شُرَكَآئِكُمْ مَّن يَفْعَلُ مِن ذَٰلِكُمْ مِّن شَيْءٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ } * { ظَهَرَ ٱلْفَسَادُ فِي ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي ٱلنَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ ٱلَّذِي عَمِلُواْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } * { قُلْ سِيرُواْ فِي ٱلأَرْضِ فَٱنْظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلُ كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُّشْرِكِينَ }

قوله تعالى ذكره: { وَإِذَا مَسَّ ٱلنَّاسَ ضُرٌّ } إلى قوله { أَكْثَرُهُمْ مُّشْرِكِينَ }.

أي: وإذا مس هؤلاء المشركين وغيرهم ضر من مرض أو جدب ونحوه { دَعَوْاْ رَبَّهُمْ مُّنِيبِينَ إِلَيْهِ } أي: أخلصوا له الدعاء والتضرع، { ثُمَّ إِذَآ أَذَاقَهُمْ مِّنْهُ رَحْمَةً } ، أي: فرج عنهم الضر { إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ } يعني المشركين.

ثم قال تعالى: { لِيَكْفُرُواْ بِمَآ آتَيْنَاهُمْ }.

إن جعلت اللام لام كي لم تقف على " يشركون " ، ولكن تقف على { آتَيْنَاهُمْ } ، وإن جعلتها لام أمر لأن الكلام فيه معنى التهديد ابتدأت بها إن شئت، ووقفت على { يُشْرِكُونَ } ، ولم تقف على { آتَيْنَاهُمْ }.

وقوله: { فَتَمَتَّعُواْ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ } يدل على أنها لام أمر لأن هذا وعيد وتهديد لا شك فيه، فحمل الكلام على معنى واحد أحسن. والمعنى على الأمر: اكفروا وتمتعوا بالصحة والرخاء فسوف تعلمون عاقبتكم إذا أوردتم على ربكم.

ثم قال تعالى: { أَمْ أَنزَلْنَا عَلَيْهِمْ سُلْطَاناً } أي: كتاباً وحجة في عبادتهم الأوثان.

{ فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِمَا كَانُواْ بِهِ يُشْرِكُونَ } أي: فذلك الكتاب ينطق بصحة شركهم.

فالمعنى: لم ننزل عليهم شيئاً من ذلك إنما اختلفوا من عند أنفسهم اتباعاً لأهوائهم.

قال ابن عباس: كل سلطان في القرآن فهو عذر وحجة /.

ثم قال تعالى: { وَإِذَآ أَذَقْنَا ٱلنَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُواْ بِهَا } أي: وإذا مس الناس خصب ورخاء وصحة فرحوا بذلك.

{ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ } أي: وإن تصبهم شدة جدب أو مرض أو إتلاف مال بذنوبهم المتقدمة { إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ } أي: يئسون من الفرح، والقنوط: اليأس.

ثم قال تعالى: { أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّ ٱللَّهَ يَبْسُطُ ٱلرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ } أي: ألم ير هؤلاء الذين ييأسوا عند الشدة ويفرحون عند الرخاء أن الله يوسع على من يشاء في رزقه، { وَيَقْدِرُ } أي: ويضيق على من يشاء في رزقه.

{ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } أي: إن في توسيعه الرزق على بعض خلقه وتضييقه على بعض، لدلالات وحججاً على قدرة الله لمن آمن بالله.

ثم قال تعالى: { فَآتِ ذَا ٱلْقُرْبَىٰ حَقَّهُ }

قال مجاهد وقتادة: هو قريب الرجل، صلة الرحم له فرض من الله جل ذكره.

وقال مجاهد: لا تقبل صدقة من أحد ورحمه محتاجة.

وقال قتادة: إذا لم تعط ذا قرابتك وتمش إليه برجليك فقد قطعته.

وقيل: القربى هنا قرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم. مُنَزَّلة مَنْزِلة قوله تعالى ذكره:وَٱعْلَمُوۤا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ للَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي ٱلْقُرْبَىٰ } [الأنفال: 41] فيكون المعنى: فأعط يا محمد ذا القربى منك حقه عليك.

وقوله: { وَٱلْمِسْكِينَ وَٱبْنَ ٱلسَّبِيلِ } أي: وَفِّيهم حقهم إن كان يُسْر، وإن لم يكن عندك شيء فقل لهم قولاً معروفاً. وابن السبيل: الضيف.

السابقالتالي
2 3