الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ وَهُوَ ٱلَّذِي يَبْدَؤُاْ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ ٱلْمَثَلُ ٱلأَعْلَىٰ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ } * { ضَرَبَ لَكُمْ مَّثَلاً مِّنْ أَنفُسِكُمْ هَلْ لَّكُمْ مِّن مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِّن شُرَكَآءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنتُمْ فِيهِ سَوَآءٌ تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنفُسَكُمْ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ ٱلآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ } * { بَلِ ٱتَّبَعَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُوۤاْ أَهْوَآءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَمَن يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ ٱللَّهُ وَمَا لَهُمْ مِّن نَّاصِرِينَ } * { فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ ٱللَّهِ ٱلَّتِي فَطَرَ ٱلنَّاسَ عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ ٱللَّهِ ذَلِكَ ٱلدِّينُ ٱلْقَيِّمُ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ } * { مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَٱتَّقُوهُ وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ وَلاَ تَكُونُواْ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ } * { مِنَ ٱلَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ }

قوله تعالى ذكره: { وَهُوَ ٱلَّذِي يَبْدَؤُاْ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ } إلى قوله: { بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ }.

أي: والذي له هذه الصفات هو الذي يبدؤ الخلق من غير أصل وأمثال ثم يفنيه ثم يعيده بعد إفنائه كما بدأ.

{ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ } أي: وإعادته هين عليه، قال ابن عباس.

وقيل: المعنى: الإعادة أهون على المخلوق لأنه يقوم بشراً سوياً، وقد كان في الابتداء ينقل من حال إلى حال.

روي ذلك أيضاً عن ابن عباس.

وعن ابن عباس: أن معناه: وهو أيسر عليه. وقاله مجاهد.

فيكون هذا بمنزلة قوله:وَكَانَ ذٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيراً } [النساء: 30].

وقال عكرمة: تعجب الكفار من إحياء الله الموتى فنزلت هذه الآية.

فالمعنى عنده: إعادة الخلق أهون عليه من ابتدائه.

وقال قتادة: إعادته أهون عليه من بدايته، وكل شيء عليه هين.

وفي حرف ابن مسعود: " وَهُوَ عَلَيَّ هَيّن ".

وقيل أهون على بابها، على معنى أسهل عليه من الابتداء.

وجاز ذلك في صفات الله كما قال:وَكَانَ ذٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيراً } [النساء: 30].

وحسن ذلك كله لأن الله خاطب العباد بما يعقلون، فأعلمهم أنه يجب عندهم أن يكون البعث أسهل من الابتداء، فجعله مثلاً لهم لأنهم كذلك يعرفون في عادتهم أن إعادة الشيء مع تقدم مثال أسهل من اختراع الشيء بغير مثال تقدم، فهو مثل لهم على ما يفهمون، ألا ترى أن بعده: { وَلَهُ ٱلْمَثَلُ ٱلأَعْلَىٰ } ، معناه: أنه لا إله إلا هو لا مثال له.

قال ابن عباس: { وَلَهُ ٱلْمَثَلُ ٱلأَعْلَىٰ } ليس كمثله شيء.

وقال قتادة: مثله أنه لا إله إلا هو ولا رب غيره.

وقيل: المعنى ما أراد كان. وحقيقته في اللغة أن المثل الوصف.

فمعناه وله الوصف الأعلى من كل وصف.

{ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ } في انتقامه من أعدائه { ٱلْحَكِيمُ } في تدبيره خلقه على ما يشاء.

ثم قال تعالى ذكره: { ضَرَبَ لَكُمْ مَّثَلاً مِّنْ أَنفُسِكُمْ } أي: مثل الله لكم أيها القوم مثلاً من أنفسكم.

ثم بيّن ذلك المثل فقال: { هَلْ لَّكُمْ مِّن مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِّن شُرَكَآءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ } أي: هل من مماليككم شركاء في أموالكم أنتم وهم في المال سواء.

{ تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنفُسَكُمْ } أي: تخافون من عبيدكم في أموالكم أن يرثوكم بعد وفاتكم كما يرث بعضكم بعضاً.

وقيل: المعنى تخافونهم كما يخاف الشريك شريكه إذا تعدى في المال بغيره - أي: شريكه -.

وقيل: المعنى تخافونهم أن يقاسموكم كما يقاسم الشريك شريكه فإذا لم ترضوا بذلك لأنفسهم فكيف رضيتم أن تكون آلهتكم شركاء لله في العبادة، وأنتم وهم عبيد الله وخلقه، وهو تعالى ذِكْرُهُ مالك الجميع، فجعلتم له شركاء من مماليكه وخلقه، ولا ترضون أنتم أن يكون لكم شركاء من مماليككم.

السابقالتالي
2 3