الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ فِيهِ ءَايَٰتٌ بَيِّنَـٰتٌ مَّقَامُ إِبْرَٰهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِناً وَللَّهِ عَلَى ٱلنَّاسِ حِجُّ ٱلْبَيْتِ مَنِ ٱسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ ٱلله غَنِيٌّ عَنِ ٱلْعَٰلَمِينَ }

قوله { فِيهِ ءَايَٰتٌ بَيِّنَـٰتٌ... } الآية.

هي: مقام إبراهيم، والمشعر الحرام { وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِناً }.

وقال مجاهد: مقام إبراهيم الحرم كله، وهي آيات كثيرة.

منها: الصفا والمروة والركن والحطيم والملتزم والحجر وغير ذلك، ومنها: أن الطائر لا يعلو البيت صحيحاً ويعلوه مريضاً للتشفي [به] ومنها: أن الجارح يتبع الصيد فإذا دخل الحرم تركه. ومنها: أن الغيث إذا كان من ناحية الركن اليماني كان الخصب باليمن، وإذا كان من ناحية الشامي كان الخصب بالشامي، والعراقي كذلك، وإن عم الأركان عم الخصب الدنيا.

ومنها: أن الجمار تزداد فيه كل عام لا يحصى كثرة وهي ترى على قدر واحد. وأمثال ذلك كثيرة لا تحصى.

وعلى هذا القول يكون { وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِناً } خبر مبتدأ.

وقد قرأ " فيه آيات بينة " على أنها المقام الموجود الساعة ويكون أيضاً ما بعد مبتدأ.

ومعنى: { وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِناً } كان أهل الجاهلية من جنى منهم جناية ثم لجأ إلى حرم الله لم يطلب، ولم ينتصف وأما في الإسلام فليس يمنع من حدود الله عز وجل مانع.

وعن يحيى بن جعدة { وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِناً } قيل: كان آمناً من النار.

وأهل التفسير على أن المعنى: ومن دخله فاراً من غيره مستجيراً به أمن ممن يطلبه.

وقيل: [المقام] هو الحجر الذي فيه أثر رجلي إبراهيم عليه السلام.

وروي أن الله عز وجل أمره أن يؤذن بالحج كما قال تعالى:وَأَذِّن فِي ٱلنَّاسِ بِٱلْحَجِّ } [الحج: 27] فوقف على المقام وهو الحجر، فأعطاه الله في صوته ما يسمعه كل من في أصلاب الرجال وأرحام النساء، وأعطاه من القوة حتى رسخت رجلاه مقر الحجر فنادى يا عباد الله، أجيبوا داعي الله، والحج إلى بيته الحرام يخرجكم من النار، ويسكنكم الجنة " فالناس اليوم يلبون دعوة إبراهيم فمن أجابه مرة حج مرة ومن أجابه مرتين حج مرتين، وكذلك (أكثر) من ذلك.

قوله: { وَللَّهِ عَلَى ٱلنَّاسِ حِجُّ ٱلْبَيْتِ مَنِ ٱسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً... }.

هذا فرض من الله واجب علينا مع وجود الاستطاعة.

قال ابن الخطاب وابن عباس رضي الله عنه: الاستطاعة: الزاد والراحلة، وهو قول ابن جبير والحسن.

وعن ابن عباس: من ملك ثلاثمائة درهم فهو السبيل.

وقال الضحاك: إن قدر [أن] يؤاجر نفسه ويمشي فهو مستطيع.

وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " السبيل الزاد والراحلة ".

وعن علي رضي الله عنه أنه قال: من ملك زاداً وراحلة يبلغانه إلى بيت الله عز وجل فلم يحج فلا عليه أن يموت يهودياً أو نصرانياً.

وقال عكرمة: السبيل: الصحة.

وقال ابن زيد: السبيل القوة في النفقة والجسم والحملان.

السابقالتالي
2