الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ أُوْلَـٰئِكَ جَزَآؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ ٱللَّهِ وَٱلْمَلاۤئِكَةِ وَٱلنَّاسِ أَجْمَعِينَ } * { خَالِدِينَ فِيهَا لاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ ٱلْعَذَابُ وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ } * { إِلاَّ ٱلَّذِينَ تَابُواْ مِن بَعْدِ ذٰلِكَ وَأَصْلَحُواْ فَإِنَّ الله غَفُورٌ رَّحِيمٌ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ٱزْدَادُواْ كُفْراً لَّن تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلضَّآلُّونَ }

قوله { أُوْلَـٰئِكَ جَزَآؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ ٱللَّهِ } الآية.

معناه: جزاء من هذه حاله لعنة الله، أي: يبعده من الرحمة ولعنة الملائكة والناس أي: يلعنهم كل من خالفهم يوم القيامة من المخلوقين كما قال:وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً } [العنكبوت: 25]:

ويجوز أن يكون الناس يراد بهم من كان مؤمناً. ويجوز أن يكون أراد بهم: لعن بعضهم بعضاً في الدنيا لاختلاف أديانهم فيها.

{ لاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ ٱلْعَذَابُ } أي: لا ينقص عنهم: { وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ } أي: لا يؤخرون عن الوقت. وقيل: لا ينظرون لمعذرة يعتذرون بها.

وكل ما في القرآن من اللعنة فالخط فيها في المصحف بالهاء إلا في موضعين كتبت بالتاء: في آل عمرانفَنَجْعَل لَّعْنَتَ ٱللَّهِ عَلَى ٱلْكَاذِبِينَ } [آل عمران: 61] و [في] النوروَٱلْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ ٱللَّهِ عَلَيْهِ إِن كَانَ مِنَ ٱلْكَاذِبِينَ } [النور: 7] هذان بالتاء لا غير.

قوله { إِلاَّ ٱلَّذِينَ تَابُواْ مِن بَعْدِ ذٰلِكَ } أي: استثنى من تاب ممن ذكر قبله.

وقيل: هو ناسخ لـ { كَيْفَ يَهْدِي ٱللَّهُ قَوْماً كَفَرُواْ } الآية وقد ذكرناه.

ومعنى: { وَأَصْلَحُواْ } أي: أصلحوا أعمالهم، وقيل: معناه وعملوا الصالحات.

قوله: { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ } عنى بها من كفر ببعض الأنبياء قبل محمد صلى الله عليه وسلم ثم كفروا بمحمد صلى الله عليه وسلم فلن تقبل توبتهم عند الموت ومعاينته.

قال قتادة: عنى بها اليهود لأنهم كفروا بالإنجيل - وبعيسى عليه السلام { ثُمَّ ٱزْدَادُواْ كُفْراً } بمحمد صلى الله عليه وسلم - والقرآن.

وقيل: عنى بها اليهود والنصارى كفروا بكتابهم، فبدلوه، { ثُمَّ ٱزْدَادُواْ كُفْراً } بمحمد عليه السلام. وقيل: كفرهم الأول هو جحدهم بمحمد صلى الله عليه وسلم وازدادوا كفراً [أي: ذنوباً].

وقيل: هم اليهود والنصارى كفروا بمحمد صلى الله عليه وسلم، [وازدادوا كفراً] لم يتوبوا مما فعلوا في الصحة لم تقبل توبتهم عند الموت.

وقيل: { ثُمَّ ٱزْدَادُواْ كُفْراً } ماتوا على الكفر.

[و] اختار الطبري أن يكون المعنى: ثم ازدادوا كفراً بما أصابوا من الذنوب، لن تقبل توبتهم من ذنوبهم التي أصابوها في كفرهم حتى يتوبوا من كفرهم بمحمد صلى الله عليه وسلم والآية عنده عنى بها اليهود.