الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ أَخَذَ ٱللَّهُ مِيثَاقَ ٱلنَّبِيِّيْنَ لَمَآ آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَآءَكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَىٰ ذٰلِكُمْ إِصْرِي قَالُوۤاْ أَقْرَرْنَا قَالَ فَٱشْهَدُواْ وَأَنَاْ مَعَكُمْ مِّنَ ٱلشَّاهِدِينَ } * { فَمَنْ تَوَلَّىٰ بَعْدَ ذٰلِكَ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْفَاسِقُونَ } * { أَفَغَيْرَ دِينِ ٱللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ } * { قُلْ آمَنَّا بِٱللَّهِ وَمَآ أُنزِلَ عَلَيْنَا وَمَآ أُنزِلَ عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَٱلأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَىٰ وَعِيسَىٰ وَٱلنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ } * { وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ ٱلإِسْلاَمِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي ٱلآخِرَةِ مِنَ ٱلْخَاسِرِينَ }

قوله: { وَإِذْ أَخَذَ ٱللَّهُ مِيثَاقَ ٱلنَّبِيِّيْنَ لَمَآ آتَيْتُكُم }.

أي: واذكر إذ أخذ الله. واللام في " لما " لام تأكيد " وما " بمعنى الذي في موضع رفع بالابتداء، و (من) لبيان الجنس والهاء محذوفة من آتيناكم و، { مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ } الخبر هذا مذهب الخليل وسيبويه.

وأجاز الأخفش أن يكون الخبر { لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ } وهذا لام قسم كأنه قال: والله لتؤمنن به.

وقال الكسائي: ما للشرط وهي في موضع نصب، واللام لام تأكيد كما تقول والله لئن زيد ضربت لأضربنك به.

ومن كسر اللام في " لما " فهي لام الجر أي: أخذ الميثاق الذي أتاهم من كتاب وحكمة، ويكون { لَتُؤْمِنُنَّ } من أخذ الميثاق وكأن تقول: أخذت ميثاقك لا تفعلن.

وفي قراءة ابن مسعود { وَإِذْ أَخَذَ ٱللَّهُ مِيثَاقَ ٱلنَّبِيِّيْنَ } ، وكذلك قرأها أبي بن كعب، ودليله قوله: { ثُمَّ جَآءَكُمْ رَسُولٌ } وهو محمد صلى الله عليه وسلم ولم يأتِ إلا لأهل الكتاب، وغيرهم دون النبيين، ثم { لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ } فليس في هذا أمر من نبيين، إنما هو أمر لمن أخذ الله عليه الميثاق، وهم أهل الكتاب، وهذا المعنى مروي عن مجاهد وغيره قالوا: إنما أخذ الله الميثاق على أهل الكتاب في الإيمان بالأنبياء والنصر لهم، ولم يؤخذ على النبيين نصر لقومهم، ولا إيمان بقومهم.

وقال ابن عباس: المعنى وأخذ الله ميثاق النبيين على قومهم. وقال طاووس: أخذ الله ميثاق النبيين أن يصدق بعضهم بعضاً.

وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: لم يبعث الله نبياً آدم فمن بعده إلا أخذ عليه العهد في محمد صلى الله عليه وسلم لئن بعث وهو حي ليؤمنن به ولينصرنه ويأمره فيأخذ العهد على قومه بذلك.

وقال قتادة: أخذ الله على النبيين أن يصدق بعضهم بعضاً وأن يبلغوا كتاب الله عز وجل ورسالته إلى قومهم ففعلوا وأخذوا على القوم أن يؤمنوا بما بلغت إليهم رسلهم، وكان فيما بلغت إليهم الرسل الأمر بالإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم والتصديق به، والنصر له.

وقال السدي: لم يبعث الله نبياً من لدن نوح صلى الله عليه وسلم إلا أخذ ميثاقه أن يؤمن بمحمد صلى الله عليه وسلم وبنصره إن بعث وهو حي وأن يأخذ الميثاق على قومه بذلك إن بعث وهم أحياء.

وقوله: { أَأَقْرَرْتُمْ } أي: بالميثاق على نحو ما تقدم " { وَأَخَذْتُمْ عَلَىٰ ذٰلِكُمْ إِصْرِي } أي: عهدي { قَالُوۤاْ أَقْرَرْنَا }.

قيل: الضمير يعود على الأنبياء أي قال الأنبياء: أقررنا بما التزمنا من الإيمان برسلك الذين ترسلهم مصدقين لما معنا من كتب.

{ قَالَ فَٱشْهَدُواْ } أي: اشهدوا أيها النبيون بما أخذت به ميثاقكم عليكم، وعلى أممكم { وَأَنَاْ مَعَكُمْ مِّنَ ٱلشَّاهِدِينَ } أي: أشهد عليكم وعليهم بذلك.

السابقالتالي
2