الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَٰبِ لَمَن يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْهِمْ خَٰشِعِينَ للَّهِ لاَ يَشْتَرُونَ بِآيَـٰتِ ٱللَّهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُوْلـٰئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ إِنَّ ٱللَّهَ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ }

قوله: { وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَٰبِ لَمَن بِٱللَّهِ } الآية.

{ خَٰشِعِينَ } نصب على الحال من المضمر في { يُؤْمِنُ } عند البصريين والفراء ومن { مِنْ } عند الكسائي. وقال نصير: هو حال من المضمر في إليكم أو في إليهم، وهذه الآية نزلت في الأربعين رجلاً من أهل نجران منهم: اثنان وثلاثون من بني الحارث من الحبشة، وثمانية من الروم على دين عيسى صلى الله عليه وسلم آمنوا بالنبي عليه السلام، وقيل: نزلت في النجاشي.

وروى ابن المسيب عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه " أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " اخرجوا فصلوا على أخيكم " فقال فصلى بنا فكبر أربع تكبيرات، فقال: هذا النجاشي أصحمة فقال المنافقون انظروا كيف يصلي على علج نصراني لم يره قط، فأنزل الله عز وجل { وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَٰبِ } الآية ".

قال قتادة: " قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم إن أخاكم النجاشي قد مات فصلوا عليه قالوا نصلي على رجل ليس بمسلم قال فنزلت { وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَٰبِ } قال: وقالوا فإنه كان يصلي إلى القبلة، فأنزل الله { وَللَّهِ ٱلْمَشْرِقُ وَٱلْمَغْرِبُ } الآية ".

وأصحمة بالعربية: عطية.

وقيل عنى بالآية عبد الله بن سلام ومن آمن معه قاله ابن جريج.

قال مجاهد وغيره: عنى بذلك من آمن من أهل الكتاب اليهود والنصارى، وهو مثل القول الأول، والآية تدل على هذا لأنها عامة اللفظ في أهل الكتاب.

قوله: { لاَ يَشْتَرُونَ بِآيَـٰتِ ٱللَّهِ ثَمَناً قَلِيلاً } الآية.

أي: لا يحرفون أمر محمد صلى الله عليه وسلم فيقبلون على تحريفه وإنكاره - الرشا فهم يؤمنون بالله، وما أنزل إليكم وهو القرآن، وما أنزل إليهم وهو التوراة والإنجيل { خَٰشِعِينَ للَّهِ } أي: متذللين خائفين، و { لاَ يَشْتَرُونَ }: في موضع الحال أيضاً لأن غير مشترين بآيات الله ثمناً قليلاً { أُوْلٰئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ } أي عوض أعمالهم { إِنَّ ٱللَّهَ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ } أي: لا يخفى عليه شيء من أعمالهم فهو يحتاج إلى حساب ذلك وإحصائه لئلا يبقى منه شيء.