الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلاَ يَحْسَبَنَّ ٱلَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَآ آتَاهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَّهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَّهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُواْ بِهِ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ وَللَّهِ مِيرَاثُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ }

قوله: { وَلاَ يَحْسَبَنَّ ٱلَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَآ آتَاهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ } الآية.

من قرأ بالياء فالذين فاعلون، والمفعول الأول محذوف دل عليه يبخلون و " خبراً " مفعول ثان، والتقدير ولا يحسبن الباخلون [البخل] هو خير لهم، وهو فاصلة عند البصريين، وعماد عند الكوفيين، ودل يبخلون على البخل، لأنه منه أخذ.

ومن قرأ بالتاء ففي الكلام حذف مضاف دل عليه ما يتصل بالمضاف إليه، تقديره ولا تحسبن يا محمد بخل الذين يبخلون خيراً لهم، فخيراً مفعول ثان، وبخل مفعول أول، ومعنى الآية: ولا يحسبن الباخلون ولا ينفقون في سبيل الله: البخل خيراً لهم بل هو شر لهم في الآخرة.

[ومن قرأ بالتاء فهو خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم والمعنى: ولا تحسبن يا محمد بخل الباخلين عن الإنفاق في سبيل الله خيراً لهم بل هو شر لهم في الآخرة].

وقيل: عنى بذلك الزكاة وهو إخبار عمن لم يؤد الزكاة. وقيل: إخبار عن اليهود الذين بخلوا أن يبينوا للناس ما نزل عليهم من التوراة من أمر النبي صلى الله عليه وسلم قاله ابن عباس ومجاهد رضي الله عنهما.

{ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُواْ بِهِ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ } أي: سيجعل ما بخل به المانعون الزكاة طوقاً من نار في أعناقهم يوم القيامة أي: كهيأة الطير، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما من ذي رحم يأتي [ذا] رحمه فيسأله من فضل ما أعطاه الله إياه، فيبخل عليه إلا أُخرج [له] يوم القيامة شجاع من النار يتلبط حتى يطوقه " وقرأ { وَلاَ يَحْسَبَنَّ ٱلَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَآ آتَاهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ } الآية " وقال ابن مسعود رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما من أحد لا يؤدي زكاة ماله إلا مُثّل له شجاع أقرع يطوقه " ثم قرأ { وَلاَ يَحْسَبَنَّ ٱلَّذِينَ يَبْخَلُونَ } الآية. قال الشعبي: { سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُواْ بِهِ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ } قال: شجاع يلتوي على عنقه.

وروى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من أتاه الله مالاً فلم يؤد زكاته مُثِّل له ماله يوم القيامة شجاعاً أقرع له زبيبتان يطوقه يوم القيامة يأخذ بلهزمتيه - يعني شدقيه - يقول له: أنا مالك، أنا كنزك، ثم تلا هذه الآية { وَلاَ يَحْسَبَنَّ ٱلَّذِينَ يَبْخَلُونَ } ".

وقيل: يجعل الذي بخلوا به طوقاً من نار في أعناقهم.

وقال أبو وائل: هو الرجل يرزقه الله مالاً فيمنع منه قرابته الحق الذي جعل الله لهم في ماله، فيُجعل حية يطوقها، فيقول: ما لي ولك؟ فيقول: أنا مالك.

وقال مجاهد: { سَيُطَوَّقُونَ } سيكلفون أن يأتوا يوم القيامة بمثل الذي بخلوا به.

السابقالتالي
2