الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلَّذِينَ قَالَ لَهُمُ ٱلنَّاسُ إِنَّ ٱلنَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَٱخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا ٱللَّهُ وَنِعْمَ ٱلْوَكِيلُ } * { فَٱنْقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ ٱللَّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوۤءٌ وَٱتَّبَعُواْ رِضْوَانَ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ }

قوله: { ٱلَّذِينَ قَالَ لَهُمُ ٱلنَّاسُ } الآية.

المعنى: للذين أحسنوا أجر عظيم القائلين لهم الناس.

وقيل المعنى: وإن الله لا يضيع أجر المؤمنين الذين قال لهم الناس.

فالناس الأول قوم سألهم أبو سفيان أن يثبطوا النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، إذ خرجوا في طلبه لما دخله من فزع، [والناس] الثاني أبو سفيان وأصحابه.

{ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ } أي: قد أعدوا للقائكم فاحضروهم { فَزَادَهُمْ إِيمَاناً } أي: زاد التخويف تطريقاً لله عز وجل، ولوعده سبحانه، ولم يثنهم ذلك عن وجههم الذي خرجوا فيه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى صاروا إلى موضع ردهم منه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقالوا عند التخويف لصحة صدقهم: { حَسْبُنَا ٱللَّهُ وَنِعْمَ ٱلْوَكِيلُ } أي: كافينا الله، ونعم القيم الحافظ والناصر الله. يقال: حسبه إذا كفاه.

وقيل: إن الناس الأول: نعيم بن مسعود، بعثه أبو سفيان، وأصحابه [أن يثبط النبي عليه السلام وأصحابه، ويخوفهم من المشركين ووعده بعشرة من الإبل إن هو ثبط النبي صلى الله عليه وسلم وخوفهم. والناس الثاني أبو سفيان وأصحابه].

{ فَٱنْقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ ٱللَّهِ وَفَضْلٍ } أي: فرجعوا سالمين مما خوفوا به، وهرب منهم عدوهم وأمِنُوا.

وقيل: إنهم اشتروا أدَماً وزبيباً، فربحوا فيه، وأقاموا ثلاثاً بحمراء الأسد " وهي على ثمانية أميال من المدينة ".

وقال السدي: لما انصرف أبو سفيان وأصحابه عن أحد ندموا إذ لم يستأصلوا أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ويقتلوهم، وأداروا الرأي في الرجوع، فقذف الله عز وجل في قلوبهم الرعب، فهزموا فلقوا أعرابياً، وجعلوا له جعلاً، وقالوا له: إذا لقيت محمداً وأصحابه، فأخبرهم أنا قد جمعنا لهم، فأخبر الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم بذلك، فخرج في طلبهم حتى بلغ حمراء الأسد، فلقوا أعرابياً هنالك فأخبرهم ما قال له أبو سفيان من الكذب والتخويف، فقالوا: { حَسْبُنَا ٱللَّهُ وَنِعْمَ ٱلْوَكِيلُ } ، أي: كافينا الله ونعم الكافي.

قال ابن عباس رضي الله عنه: كان آخر قول إبراهيم صلى الله عليه وسلم حين ألقي في النار: [حسبي الله ونعم الوكيل] " فالناس الأول هو الأعرابي، والثاني أبو سفيان وأصحابه ".

وقال ابن عباس رضي الله عنهما: وافى [أبو سـ]فيان عيراً واردة المدينة ببضاعة لهم، فسألهم أبو سفيان ووعدهم، وقال لهم: إن لقيتم محمداً وأصحابه، فأخبروهم أني جمعت لهم جموعاً كثيرة خوفاً منه أن يتبعه النبي صلى الله عليه وسلم، ففعلت العير ذلك، فأنزل الله عز وجل الآية.

فالناس الأول [أهل] العير، والثاني أبو سفيان وأصحابه.

وقال مجاهد: كان النبي صلى الله عليه وسلم قد واعد أبا سفيان، وأصحابه من عام قابل من عام أحد: اللقاء بدر الصغرى، قال أبو سفيان: موعدكم ببدر حيث قتلتم أصحابنا.

فانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم بموعده حتى أتوا بدراً الصغرى فوافقوا السوق فيها، ولم يأت المشركون فابتاعوا مما كان في السوق فذلك قوله: { فَٱنْقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ ٱللَّهِ } يعني الأجر { وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ [سُوۤءٌ] } وهي غزوة بدر الصغرى.

قال مجاهد: فالفضل ما أصابوا في التجارة.