قوله: { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } الآية. نهى الله المؤمنين أن يكونوا مثل المنافقين { كَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَقَالُواْ لإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُواْ فِي ٱلأَرْضِ } أي: إذا خرجوا إلى سفر في تجارة { أَوْ كَانُواْ غُزًّى } أي: خرجوا لغزو، فهلكوا في سفرهم أو غزوهم، { لَّوْ كَانُواْ عِنْدَنَا مَا مَاتُواْ } في سفرهم { وَمَا قُتِلُواْ } في غزوهم، جعل الله قولهم ذلك حسرة في قلوبهم. وروي أن المنافقين قالوا في من بعثه النبي صلى الله عليه وسلم من السرايا إلى بئر معونة، فقتلوا رحمة الله عليهم { لَّوْ كَانُواْ عِنْدَنَا مَا مَاتُواْ وَمَا قُتِلُواْ } وهم عبد الله بن أبي بن سلول، وأصحابه قالوا ذلك، وأصل الضرب في أرض الإبعاد. وأصل الكلام أن يكون في موضع (إذا): (إذ) لأن في الكلام معنى الشرط، إذ فيه الذين، وإنما وقعت إذا موضع إذ كما يقع الماضي في الجزاء موضع المستقبل، فتقول إن تزرني زرتك. أي: أزورك، فكذلك وقعت إذا وهي للمستقبل موضع إذ، ومثله{ إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَيَصُدُّونَ } [الحج: 25] وقع [كفروا] موضع يكفرون لأن الذي فيه معنى الجزاء، فجاز فيه ما يجوز في الجزاء، ودل على يكفرون قوله: { وَيَصُدُّونَ }. ثم أخبر تعالى [أنه] يحيي من يشاء ويميت من يشاء ليس جلوسهم عندهم بمنجيهم من الموت، ولا مسيرهم لسفر أو غزاة بمقرب لما بعد من آجالهم { وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } أي: بعمل هؤلاء المنافقين بصير، فهذا على قراءة من قرأ بالياء، فذكر المنافقين أقرب. ومن قرأ بالتاء رده على أول الكلام في قوله { لاَ تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } وكان الياء أقوى لأن الذين وضع عليهم الدم أولى بالتهديد من غيرهم، وكلا الأمرين حسن.