الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ ٱلرُّسُلُ أَفإِنْ مَّاتَ أَوْ قُتِلَ ٱنْقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ ٱللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي ٱللَّهُ ٱلشَّاكِرِينَ }

قوله: { وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ ٱلرُّسُلُ } الآية.

معنى الآية أن الله أخبرهم أن محمداً كبعض رسله المتقدمين في الرسالة والدعاء، الذين قد مضوا وخلوا، فلما حضرت آجالهم ماتوا فمحمد صلى الله عليه وسلم مثلهم ميت عند انقضاء أجله، وهذا إنما هو معاتبة من الله للمؤمنين على ما كان منهم من الهلع والجزع حين قيل في أحد إن محمد صلى الله عليه وسلم قد قتل، ومقبحاً لهم انهزام من انهزم منهم حين سمع ذلك.

ومعنى: { ٱنْقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ } أي: ارتددتم عن دينكم لو مات، وهل هو إلا مثل من تقدمه من الرسل ميت عند انقضاء أجله؟ فلو مات أكنتم تكفرون؟

{ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ } أي: من يرتدد عن دينه { فَلَن يَضُرَّ ٱللَّهَ } سبحانه ارتداده. وفي لفظ الاستفهام تقديم وتأخير، وذلك أنهم إنما وبخوا وعوذلوا على الانقلاب على العقبين، فهم لم ينكروا موت محمد صلى الله عليه وسلم فيقع عليه لفظ الاستفهام الذي يدل على التوبيخ، ولا أنكر عليهم ذلك، إنما أنكر عليهم انقلابهم، فحق الاستفهام الذي للتوبيخ أن يقع على ما أنكر عليهم وهو انقلابهم، ومثلهأَفَإِنْ مِّتَّ فَهُمُ ٱلْخَالِدُونَ } [الأنبياء: 34] لم يستفهم عن الموت وإنما استفهم عن خلودهم بعد موت محمد صلى الله عليه وسلم؟ أيكون أم لا؟ فحق الاستفهام أن يقع عليهم، فيكون: أفهم الخالدون إن مت؟ وكذلك هذا حقه. أتنقلبون على أعقابكم إن مات محمد أو قتل؟ ففيه اتساع معروف في كلام العرب مشهور قد علم معناه. والأصل في ذلك أن كل استفهام دخل على حرف الجزاء، فالاستفهام في غير موضعه وحقه، وموضعه أن يكون قبل جواب الشرط داخلاً على الجواب، فهذا تقديره حيث وقع.

أو قولهم { وَسَيَجْزِي ٱللَّهُ ٱلشَّاكِرِينَ } أي: وسيثيب الله عز وجل من شكره على هدايته له، وتوفيقه إياه.

قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: أبو بكر أمير الشاكرين، فالآية إنما نزلت فيمن انهزم بأحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. قال قتادة: لما كان يوم أحد من الشناعة ما كانت في قتل النبي صلى الله عليه وسلم قال ناس: لو كان نبياً ما قتل.

وقال ناس من علية أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: قاتلوا على ما قاتل عليه نبيكم حتى يفتح الله، أو تلحقوا به، فأنزل الله تبارك وتعالى في عتاب من قال: لو كان نبياً ما قتل { وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ ٱلرُّسُلُ }.

وذكر الربيع أن رجلاً من المهاجرين مر على رجل من الأنصار وهو يتشحط في دمه، فقال: يا فلان أشعرت أن محمداً صلى الله عليه وسلم قد قتل؟ فقال الأنصاري: وإن كان محمد صلى الله عليه وسلم قد قتل فقد بلغ، فقاتلوا عن دينكم.

السابقالتالي
2